31 ديسمبر 2011
كل عام و أنتم بخير
4 ديسمبر 2011
التكامل الاقتصادي العربي الافريقي .. الشراكة من أجل التنمية
للراغبين في الإطلاع على الدراسة العلمية كاملة يمكنهم الرجوع إلى العدد المذكور.
27 نوفمبر 2011
كل عام و أنتم بخير
13 نوفمبر 2011
تحية عطرة للجميع.. و يا أهلا بالحوار الهادئ المنصف
6 نوفمبر 2011
عيد أضحي سعيد و كل عام و أنتم بخير
2 نوفمبر 2011
عن كذبة " عالمية " حقوق الإنسان!*
لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 -12- 1948 ما بات يعرف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تضمن حوالي ثلاثين مادة ابتدأت بالتأكيد على حقوق الإنسان والحرية المطلقة لجميع الناس وفي جميع المجالات الفردية والجماعية، و انتهت برفض تأويل أي نص من أي فرد أو جماعة أو دولة بانتهاك الحقوق و الحريات الأساسية الواردة في هذا الإعلان ..
و دون الوقوف عند مضامين هذا الإعلان من حيث إشادته بمبدأ الحرية و المساواة في الحقوق و الكرامة بين الناس ، ورفض التمييز بينهم على أي أسس ، سواء كانت على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير ذلك ، و التأكيد على الحق في الحرية و الحياة و السلامة الشخصية لكل إنسان ، و رفض العبودية و تجارة الرقيق بكل أشكالها ، إلى غير ذلك من الحقوق الأساسية أو غير الأساسية التي وردت مطلقة و عامة ومجردة ، دون أية " ضمانات واقعية " أو أن يكون لها " ما صدق " بالمفهوم الفلسفي الشهير .. فمن الممكن وصف ذلك الإعلان بأنه لوحة " ليبرالية " بامتياز ، تتوكأ على ميراث الفكر الغربي الخارج من " جهالات " و " ظلمات " الإقطاع الكنسي التي ألجمت العقل و الروح الغربية قرونا طويلة ، فلم تكتف الإرادة السياسية بثورات الإصلاح الديني و الأنوار و الحداثة ، بل إنها طالبت بالحرية و الفردانية المطلقة للثأر من القيود و الأغلال على نحو يسهم في تغيير مجرى التاريخ كما تصوّره مفكرو المدنية الأوروبية التي بدأت تربط صلتها بالحداثة منذ القرن الخامس عشر و القرون التالية له .
غير أن ذلك " المثال " الإنساني اصطدم سريعا بـ" واقع " الصراع و التنافس المحموم الذي تغذّي على الإمبريالية و العهد الاستعماري و مناطق النفوذ بين هؤلاء " الأحرار " فنشبت بينهم الحروب المريرة التي كان لهم فيها ميراث " متأصل " من التجارب التي ابتدأت نماذج منها - مثلا لا حصرا - من حروب المائة سنة قديما إلى حروب الثلاثين سنة خلال الفترة 1618 و 1648 ، إلى حروب "عالمية" أولى و ثانية ( 1914 – 1919 ، 1937 – 1945) أجبروا سكان الأرض جميعا على المشاركة فيها بشكل أو بآخر و دفع كلفتها الباهظة بما يناهز ثمانين مليون نسمة أكثرُ من ثلثيهم من المدنيين العزّل!! .
و بعد إعادة ترتيب المسرح العالمي بين الإمبراطوريات الاستعمارية التقليدية و الأخرى التي ورثت مواقع الأولي بعد انتهاء العمليات الأساسية في الحرب العالمية الثانية ، من هنا أنشئت ما يسمي بــ" الأمم المتحدة " و ما تلاها من " إعلانات " و " مواثيق" قيل عنها إنها ذات صفة " دولية " غير أن حقيقتها البارزة هي أنها أعدّت في غفلة من الزمن ، و غياب شبه كامل لإسهام " دول العالم " .
و مثال ذلك الجلي هو " الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" الذي هو أحد الأمثلة الحية على هذا الرأي المتواضع ، و بالتالي يكون من الجائز التساؤل عن صدقية إعلان عالمي لحقوق الإنسان في ظل كونه ليس أكثر من اعتباره :
1- ترجمة دقيقة ، كما أجملنا ، للرؤية الليبرالية الغربية لحقوق الإنسان بعد ذلك التاريخ " الدموي" الذي أشير إليه لماما أعلاه . وهي على أية حال رؤية لها بعض الإسهامات الإيجابية المهمة و عليها الكثير من الاستدراكات الجدية ، و ليست – قطعا - رؤية شمولية لجميع بني البشر.
2- في الفترة التي ولد فيها هذا الإعلان كانت أغلبية أعضاء الأمم المتحدة المستقبليين رازحة تحت نير الاستعمار المباشر من الجيوش و الأساطيل الأجنبية الغربية ، و بالتالي لم تكن طرفا في إعداد هذا الإعلان الذي لم يطرح حتى قضية الاستعمار المباشر الذي تعاني منه شعوب الجنوب ضمن أجندة حقوق الإنسان العالمية !
3- و في الوقت الذي لم يجفّ فيه حبر هذا الإعلان كانت فلسطين – مثلا – مسرحا مفتوحا لأفظع اعتداء على حقوق الإنسان " المنتهكة بقوة" قبل اعتماد الإعلان و رافقت مسيرته حتى الآن ، الشيء الذي أفقده و طعن في مصداقية " من وراءه " في رفع أو إظهار خطاب النوايا المتعلق بحقوق و حريات الإنسان ..
4 - كما أن تجربة مرور ما يناهز ستة عقود على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم تعزز هذه الحقوق ، و خصوصا من رعاة هذه الحقوق و رافعي شعارها ، حيث أشعلوا الحروب الامبريالية المباشرة و غير المباشرة ( الكورية ، الفيتنامية ، و اليوغوسلافية ، حروب الخليج الأولى و الأخيرة و في أفغانستان ،،،الخ) ، و دبروا الاغتيالات السياسية للزعماء و المناضلين و مخالفي الرأي عبر العالم ، و بذلك ضربوا السلم و الأمن و السكينة في مقتل ، و استخدموا أسلحة أخرى أمضى فتكا كالإعلام و ذلك في تشويه الحقائق و قلبها لتدمير الخصوم معنويا قبل الإجهاز عليهم ماديا بأساليب أخرى منها الحصار الاقتصادي و التجويع و ربط التعاون بالشروط المنتهكة للسيادة و القانون و الأخلاق ، و اعتدوا على الوسط البيئي الذي يعيش فيه و عليه الإنسان و ثقبوا الأوزون و خلقوا الاحتباس الحراري المهدد للحياة في صميمها ، و سخّروا العلم في خدمة الحرب و القتل و نشر الشر و الخوف و الإرهاب في حياة الإنسان كل ذلك مقابل جني الأرباح و تعظيم الإيرادات لحفنة من الرأسماليين الجشعين و حلفائهم من السياسيين الانتهازيين...!
بل إن سياق الأحداث في عالم " الاعلان العالمي لحقوق الانسان" أثبت بكثير من الشواهد أن ذلك الإعلان لم يكن إلا إحدى الوسائل التي أراد بها الغرب الحفاظ على مصالحه ، حيث يتم إشهار هذا الشعار تبعا لاتجاهات إحداثيات تلك المصالح النفعية المتجددة ، و يتم إخفاؤه و تجاهله ، أيضا ، في مواقف أخرى حين تتطلب المصلحة ذلك ..
و هكذا فإن الإنسان ليس هو الإنسان في عمومه و إطلاقه ، بل هو إنسان " الليبرالية" و " العولمة " و " الحداثة "..و هلمجرا.. إنسان فلسطين ليس مثل إنسان الكيان الصهيوني ( فهذا سوبر إنسان)..و إنسان البوسنة ليس مثل إنسان كوبا ..و إنسان البحرين ليس مثل إنسان كردستان ..و إنسان الغابات و الصحاري الافريقية ليس مثل إنسان الغابات الاسمنتية في سان فرانسيسكو ..
و بإسم حقوق الانسان تندلع الحروب و الكراهية و العنصرية و العنف الأهوج ، و بإسم نفس الحقوق تصنف العوالم و الأنظمة و الجماعات ، و بإسم ذات الحقوق تنتهك قيم و ثقافات و تستباح سيادات شعوب و تفكك أوصال أوطان مقسومة على أكثر من واحد صحيح ..!
لقد تميعت حقوق الانسان الى درجة عجيبة ، الكل يدّعي وصلها و حفظها و حمايتها و يزايد على غيره لتنزيلها في دنيا الواقع ، و الكل يمارس الانتقائية حيالها .. و هكذا ضاعت الحقوق بين هؤلاء و أولئك .. وبات الإنسان حائرا لا يدري كيف ينال حقوقه " الافتراضية" المدّعاة ..!
و حين يظهر نموذج من " الإنسان" يتوق من أجل أن يعيش هذه الحقوق ، فإن الأنظمة و الجماعات المسيطرة شرقا و غربا و شمالا و جنوبا لا تقبل بذلك تحت أي ذريعة ، و ها نحن نعيش " الفوضي الخلاقة" في فضاءات بعض دول الجنوب التي بشر بها المحافظون الجدد منذ سنوات ، غير أن ذلك لم يغطي سوأة الليبرالية المتوحشة و الرأسمالية النهابة لثروات الشعوب و مواردها ، فهاهي الأزمات تضرب عقر دول الشمال " المتقدم" ، حيث ضاقت الجماهير ذرعا بهضم حقوقها ، و هاهي في حركات احتجاجية شعبية عارمة في رمز التوحش المعاصر " شارع وول ستريت " تؤسس تجمعاتها المناهضة للرأسمالية و نظامها المتأزم بامتياز ..و كذلك الحال في اسبانيا و ايطاليا و بريطانيا و في اليونان منذ أشهر .. و الحبل على الجرار!!
إن الإنصاف و الموضوعية يقتضيان القول إن الإعلان العالمي لحقوق الانسان قد أعدّ على عجل ومن دول الحلفاء التي كانت تنتشي " مزهوة " بالانتصار على دول المحور المدحورة ، و ذلك في غياب شبه مطلق لأزيد من تسعين في المائة من مجموع دول العالم الحالية ، و لذلك ليس للإعلان من العالمية إلا اسمه و رسمه فقط ، لأن الإعلان العالمي الصحيح لحقوق الإنسان هو الذي يأخذ بدور كل الأمم و الشعوب و الثقافات المختلفة في صياغته و توصيفه و السهر عليه جماعيا من الانتهاك و العدوان و تطويره باستمرار ، و خلاف ذلك فستظل "حقوق الإنسان " أكبر كذبة في التاريخ المعاصر ينطبق عليها مضمون شعر المتنبي حين يخاطب سيف الدولة الحمداني :
يا أعدل الناس إلا في معاملتي ***** فيك الخصام و أنت الخصم و الحكم
2 سبتمبر 2011
تأملات في ذكرى سقوط غرناطة !
بقلم – أحمد ولد نافع- باحث و أستاذ جامعي موريتاني
… ذات مرة اتصل بي أحد الإعلاميين العرب مذكرا إياي - بعد نقاش فكري قبل ذلك - بمناسبة سقوط غرناطة ، وطلب مني تسجيل إنطباعاتي عن ذلك ، فرددت عليه بهذه الخواطر التي أنقلها إلي القراء الأعزاء دون تغيير :
تحل هذه الأيام مناسبة تاريخية جليلة ، وهي ذكرى سقوط غرناطة ، آخر الحواضر الإسلامية في الأندلس ، سقطت بعد أن عمّر الإسلام تلك الديار ثمان قرون تقريبا .. فماذا يذكرنا هذا السقوط ؟ و لماذا لا نتأمل و نتفكر و نتذكر بشأنه حتى نجني دروسا و عبر ربما يستفاد منها في مواجهة سقوط آخر ؟
و يجدر بالذكر أن أوروبا كانت ، قبل مجيئ الإسلام إلى أطرافها الجنوبية في الأندلس مثلا ، كانت محتلة بالشقاء و الفساد ماديا وروحيا ، وهذا ما وثقه أغلب مؤرخي القرون الوسطى في أوروبا ، غير أن الأمر بدأ يشهد تحولا ظاهرا منذ دخل إقليم الأندلس في الإسلام ، حيث بدأ هناك تشييد حضارة زاهرة زاهية و تأسست حياة اقتصادية منظمة ، و لعب المسلمون أدوارا ريادية في تطور الفن والعلم و الفلسفة و الشعر ، و كان رواد الفكر الأوروبي ، الذين ستختمر معهم عناصر النهضة ، تلامذة للعقلانية الرشدية التي تشربها هؤلاء ليدشنوا عصر الإصلاح الديني و الأنوار فيما بعد ..!
و أثناء دولة الإسلام في الأندلس ، فقد ساد الأمن و عمّت ظلال السكينة الجميع ، بما فيهم أهل الذمة . و يدوّن التاريخ موقفا مشرفا لفقهاء الأندلس الذين منعوا أحد الأقوياء من شراء أراض موقوفة على بعض كنائس أهل الذمة !
هذا الإزدهار الحضاري استمر لقرون مديدة ، كان يريد له الصليبيون أن ينتهي في كل وقت ، إلا أن نواياهم باءت بالفشل من حين لآخر ، حتى سقوط غرناطة ، الذي دشّن مرحلة انتصارهم النهائي في هذا المجال .. وهكذا يكون سقوط غرناطة نهاية الوجود العربي الإسلامي من جهة ، و بداية انتصار الصليبيين من جهة أخرى.
وقد يكون من المهم، قبل الاستطراد ، التذكير بداية أن غرناطة أو ( إغرناطة أو مدينة كورة البير) كما يوردها ابن الخطيب الأندلسي في كتابه الشهير الإحاطة في أخبار الأندلس ، هي إحدى المدن المهمة في التاريخ الإسلامي للأندلس ، وقد بلغ الإعجاب بالمؤرخين المسلمين إلى الدرجة التي جعلتهم يصفونها بأنها " قاعدة الدنيا ، و حاضرة السلطان ، وقبلة العدل و الإحسان " ويضيفون :" لا يضاهيها في اتساع عمارتها وطيب قرارتها وطن من الأوطان ، و لا يأتي على حصر أوصاف جمالها ، وعدّ أوصاف جلالها ، قلم البيان "..!
وقال فيها القاضي أبو بكر بن شبرين :
رعى الله غرناطة متبوأً ***** يسر كئيبا أو يجير طريدا
تبرّم منها صاحبي عندما رأى **** مسارحها بالبرد عدن جليدا
هي الثغر صان الله من أهلت به **** وما خير ثغر لايكون برُودا
و بعد أن ظلت منارة للمدنية و العلوم و المعارف و الصناعات المختلفة ، و بعد أن أنجبت علماء و فقهاء و شعراء و مؤرخين و غيرهم ، بعد كل ذلك النبوغ و التميز و الابداع الذي أسهمت فيه غرناطة مثلها مثل باقي أقاليم ذلك الفردوس المفقود ، بعد كل ذلك آل حكمها الى أسرة بني الأحمر ، الذين انشغلوا في صراعات عائلية على السلطة و الحكم ، و انغمسوا في الترف و الملذات و توابعهما ، وهذا جعلهم يهتمون بتوافه القضايا و يقصرون عن عظائمها ، و هي حماية الوطن و بيضة الدين و مصالح العباد ، و بالتالي واجهوا هزائم متتالية منكرة ، و أكمل آخرهم ، الملك الصغير ، أبو عبد الله محمد ، الذي سلّم مفاتيح غرناطة و كل ما يتعلق بها ، في وثيقة استسلام مذلة مهينة في سنة 897 هجرية = 1492 م للملكين الكاثوليكيين ( فرناندو الخامس و ازابيلا ) ، و يوجد نص الوثيقة في المتحف الاسباني الحالي . كما لا تزال بعض المدن في الاندلس تعتز برسومات رمزية للاستسلام التاريخي لأبو عبد الله الصغير ، الذي اشترى الهزيمة بالمال و ضيع ملكه و بكى عليه بكاء الأطفال ، مما استوجب ردا مؤثرا من أمه!
و حين سقط إقليم الاندلس نهائيا في أيدى الصليبيين ، قام الأخيرون بتخيير المسلمين بين اعتناق النصرانية أو الموت سحلا و قتلا ، بعد بطش شديد .
و لا شك أن سقوط غرناطة ، و الاندلس عموما ، لم يتم بين ليلة وضحاها ، بل تم كمحصلة لتضافر عوامل داخلية ( تخصّ أوضاع الاقليم و صراعات الحكم ، كما سبقت الاشارة ) ، و عوامل خارجية ( تحالف الممالك الكاثوليكية التي تطوّق الاقليم من شماله ، و عجز المسلمين بسبب الفرقة و الخلافات و الدويلات الطائفية المتناحرة عن نصرة أهل الأندلس و إعانتهم على الصمود و النصر ، كما فعل سابقا المرابطون في معركة الزلاقة التي كانت نجدة للاندلس كان من ثمنها استمراره دارا للاسلام أربعة قرون اضافية أخرى ، قبل السقوط النهائي !).
و بالتالي فإن هذه العوامل الداخلية و الخارجية هي التي تضافرت و أسهمت في سقوط غرناطة ، و ضياع الأندلس ، و تفكك المغرب العربي إلى دويلات طائفية بلا قوة ولا منعة ، بدليل كونها تكسّرت آحادا بعد ذلك حتى سهل على الاستعمار قضمها واحدة بعد الأخرى ..
وقد صدق العلامة ابن خلدون " رائد علم الاجتماع البشري" حين علل في سفره العظيم " ديوان العبر " عوامل نهوض و أفول الأمم و المدنيات ، و أرجع ذلك إلى سنن تحكم تاريخ البشر ، حيث ركز على فكرة " العصبية " كمحرك للتاريخ ، و اعتبر أن غلبة الرفاهية المادية على حساب الروحانيات يعمل على إحداث خلل يؤدي في النهاية إلى نكسة وتراجع الحضارة ، مذكرا بأن الإسلام قادر على خلق التوازن المطلوب في هذا الجانب .. و شرح العلامة ابن خلدون أن الظلم مؤذن بخراب العمران .
و باستلهام التحليل الخلدوني ، فيمكن القول إن غرناطة ، و الأندلس بشكل عام ، قد دخلت في المرحلة الثالثة ( مرحلة الحضر) التي تسود فيها الشهوات و الترف ، وبالتالي كان السقوط شبه محتم في مثل هذه الظروف داخليا و خارجيا .
إن التأمل و التفكر في ذكرى سقوط غرناطة بقدر ما يثير من الألم و الحسرة على ضياع جهود و تراث ثمانية قرون ، بقدر ما يحفز الأمل و ينبه الى خطورة عدم الاستفادة من الدروس التي سببها هذا السقوط ، وأهمها مخاطر غياب دولة الوحدة و استبدالها بدول التجزئة و التفرقة ، و مخاطر عدم تطبيق الشورى القرآنية في واقع المسلمين ، و مخاطر غياب الوعي و المسؤولية بشأن القضايا العامة .. وما لم تتم الاستفادة من هذه الدروس التي يقدمها سقوط غرناطة قديما ، أو سقوط بغداد حديثا ، أو سقوط أي صقع من أصقاع العروبة و الإسلام ، فإن صخرة السقوط ستستمر في التدحرج إلى اللحظة التي يأتي فيها جيل جديد يدرس و يقرأ ويتفكر ويتدبر و لايقصر جهده على التباكي فقط ، فمتي يولد ذلك الجيل ؟ اهـــ
25 يوليو 2011
جامعة سرت تكرم الأساتذة المغتربين و تحيي صمودهم و شجاعتهم
19 فبراير 2011
صاحب المدونة في ندوة الثقافة العربية و آفاق المستقبل بمدينة سرت
اختتمت بحضور ( صاحب المدونة ، و زميله الأخ الدكتور محمد إسحاق الكنتي) أول أمس في مدينة سرت الساحلية الليبية فعاليات الندوة الثقافية حول الثقافة العربية وآفاق المستقبل تحت شعار الحفاظ على الهوية مسؤولية قومية وذلك ضمن البرنامج العام لاحتفالية سرت الثقافية الثانية .
وناقش المشاركون في هذه الندوة على مدى يومين مسؤولية الإعلام والنشر والمثقف العربي في حماية الهوية وتحقيق الوحدة العربية واللغة العربية مرتكز أساسي للهوية ووحدة الأمة العربية والبعد الديمقراطي للثقافة والإعلام الجماهيري.
وتهدف هذه الندوة إلى ترسيخ الهوية العربية والتاريخية ودعم اللغة العربية باعتبارها مرتكز الوحدة القومية ودعماً لإرادة الشعوب العربية وباعتبارها الوعاء الحافظ للتقاليد والقيم ووسيلة الإتصال مع الحضارات الأخرى وتحقيق التقارب بين الشعوب.
وقدم خلال هذه الندوة أكثر من20 بحثا ودراسة تم خلالها مناقشة مختلف قضايا الأدب والفكر والثقافة العربية واللغة وحماية الهوية العربية.
وأصدر المشاركون في هذه الإحتفالية بياناً ختامياً أكدوا فيه ضرورة إعادة النظر في المقررات والمناهج الدراسية بما يرسخ الهوية الثقافية العربية وتطبيق القوانين الصادرة بشأن استخدام اللغة العربية في جميع المراسلات والمستندات الرسمية الخاصة واعتمادها في جميع الاتصالات والكتابات وتدريسها.
ونوه البيان بأهمية تفعيل عمل المؤسسات ومجامع الثقافة واللغة العربية بغية إدماجها في الحراك الثقافي الوطني والقومي ودعم دور مجلس الثقافة العام للنهوض بمهامه علاوة على تنظيم إقامة احتفالية سرت الثقافية سنوياً وتفعيلها بما ينسجم مع التطورات العصرية.
وشارك في هذه الندوة نخبة من الأساتذة والكتاب والشعراء والمثقفين والفنانين والإعلاميين من كل من موريتانيا و سورية وليبيا ( البلد المستضيف للندوة و الاحتفالية ) ،وفلسطين وتونس والمغرب والإمارات العربية المتحدة.
14 فبراير 2011
هل دقت الشعوب - فعلا - أبواب عصرها !
بقلم – أحمد ولد نافع
باحث و أستاذ جامعي
إن الانتفاضات الشعبية التي عاشتها و تعيشها بعض الساحات العربية في تونس و مصر ، مثلا ، جاءت لتؤكد حقيقة باتت مستقرة على نحو جلي منذ العقد الأخير من الحرب الباردة حين تمت الدعوة و التوكيد على ضرورة الانتباه إلى عصر الشعوب الزاحف حثيثا ليضع حدّا للصراع على السلطة في التاريخ الإنساني . حيث تستولي الشعوب على سلطانها ، و مواردها ، الذي سلب منها قرونا طويلة تحت طائلة عدم رشدها و نضجها ومسؤوليتها و حاجتها الملحة إلى " وصي دائم" (رئيس ، أو ملك ،أو أمير ، أو حزب ، أو نخبة سياسية...الخ) ليقوم بتدبير شؤونها من خلال أنظمة ملكية أو أميرية أو رئاسية أو برلمانية أو غير ذلك !
غير أن مثل تلك الأطروحات الفكرية و السياسية ، كانت لغوا من القول ، في ظل أجواء عالم تتصارعه أفكار المعسكرين "الشرقي" ( الماركسية اللينينية) و " الغربي" (الرأسمالي)، و بالتالي لم يتم توثيقها و منحها العناية التي تستحق من المفكرين و السياسيين ، ربما لكونها تجهز على الأفكار التقليدية التي يتصورونها " تقدمية " و " حداثية " و لا سبيل إلى التشكيك فيها و زعزعة الإيمان بها على أي نحو !
ومع استمرار احتكار السلطة و الاستئثار بها نهائيا ، و تغييب الشعوب ، و التلاعب بثرواتها ، و حرمانها الحرية في إدارة شؤونها ، وعدم شعورها و تمتعها بحقوقها الإنسانية في المأكل و المشرب و المسكن و غير ذلك من الحاجات المختلفة ، كلها " بذور" لتقويض هذا الاحتكار و " إنهائه" ، و الانتقال إلى مرحلة ما بعد الجمهورية ، وهي أحد منتجات الثورة الفرنسية الشهيرة ، التي لم ترى منها الجماهير ، في أنحاء البسيطة ، إلا التسلط و الطغيان و القمع و الترهيب و التفقير و التجهيل برغم " الخطط " و " السياسات" و " المجالس البرلمانية" , و كافة الأطر " التمثيلية" الجوفاء.
و بالتالي كان لزاما أن تصل هذه "الجمهوريات" إلى طريق مسدود ، ولو بعد حين ، و تخرج الجماهير الشعبية ، في النهاية ، لتضع حدا للاستبداد و الدكتاتورية و الاستئثار عنها بالسلطة و الثروة و كل مظاهر القوة التي آلت حيازتها إلى جزء من الشعب دون أغلبيته الغالبة .
و حين انفرط عقد أنظمة هذه الجمهوريات ( تونس، مصر ، مثلا) و انفلتت الأوضاع الأمنية ، فإن الشعوب اهتدت بطبيعتها إلى آليات "شعبية" ذاتية من أجل ضمان أمنها و تسيير أمورها الجارية ، مما يعني أن الدعاوي بعدم قدرة هذه الشعوب على تسيير أمرها هي كلام فارغ أطلقه الحذاق و الأذكياء من أجل استمرار " حكم الشعوب" دون رغبتها و عكسا لمصالحها بالضرورة .
ولكن بدلا من ترك هذه الشعوب تكمل مسيرة ممارسة سلطتها التي حرمتها وبطريقة سليمة وسلمية عاقلة، فإن أولئك السياسيين الإنتهازيين ، يلتفون - كعادتهم - على هذه الإرادات الشعبية التي تهفو للتغيير الحقيقي الصحيح ، و يعيدونها إلى نفس الحلقة المفرغة من جديد ، وهي الحلقة التي دفعت ، و تدفع ، بهم لا محالة الى الثورة من جديد لاستلام سلطانهم المفقود منهم على مر التاريخ . و هذا ما يجعل المرء يدرك ببساطة أن الثورات الشعبية عمل تقدميّ بامتياز ، لكنها معرّضة للإجهاض ما لم تنتقل معها الشعوب – نهائيا- إلى مرحلة ما بعد الجمهورية .
و يجدر بالذكر ، في هذا الصدد ، أن العديد من الدراسات ، خصوصا في الدول الغربية ، التي تصدّت لدراسة ظاهرة الانتفاضات الشعبية ، توصلت إلى أنها – أي الثورات – ليست وسيلة دائمة مضمونة للحرية و التخلص من الدكتاتورية و التسلطية .
فقد أشارت ، مثلا ، بعض الدراسات الأمريكية ( مجموعة بيت الحرية لحقوق الانسان : فريدوم هاوس ) إلى أنه من بين 67 دولة حدثت فيها ما وصف أنه "ثورات شعبية" على ما اعتبر " أحكاما استبدادية" ، فإن 35 دولة انتقلت إلى " الحرية! = النظام البرلماني التعددي حزبيا " ، و 23 انتقلت "جزئيا" الى ذلك النظام ، بينما ظلت تسعة دول فاقدة لذلك الانتقال ، و تدهورت أوضاعها الى ما يشبه الدولة الفاشلة ( مثل : تفشي ظواهر جديدة كالتسول و الفقر المدقع و الجريمة و التفاوت الاجتماعي الرهيب ، و الفساد المالي في فترة " الحرية!" مع أنها لم تكن مألوفة في فترة " الاستبدادية !").
فلو كانت الأنظمة السائدة ، في الدول التي أعلنت الحرب على العراق و أفغانستان ، أنظمة " شعبية " بمعني أن السلطان فيها من الشعب للشعب و بالشعب ، هل كانت ستقبل شن هذه الحرب الغبية و المتخلفة إنسانيا و أخلاقيا و تمولها و تشرف عليها ، بالتأكيد فإن الإجابة ستكون لا النافية ، و الدليل عليها أن الشوارع الأمريكية و الأوروبية ظلت – طيلة فترات الحرب - تموج بالمظاهرات المترجمة لرفض الرأي العام في هذه الدول للحرب ، ومع ذلك ، لا أحد يلقي لها بالا ، و قامت الحرب رغما عن إرادة الشعوب التي تدّعي أنظمتها " كاذبة" أنها تمثلها ، و أنها أنظمة "ديمقراطية" و تقاتل من أجل نشرها بالقوة في العالم!!
بينما تبيّن الوقائع أن الفئات و الأحزاب المحتكرة للسلطة و الثروة في هذه الدول " المتقدمة " - كما ترى نفسها!- هي التي تغيّب شعوب تلك البلدان و تسرق سلطانهم و تبدد ثرواتهم و تتصرف من منظور مصالحها الخاصة الضيقة التي تختصر مصالح الأوطان فيها..و لا تقيم أدنى وزن للشعوب إلا باعتبارها " صعاليك" حرة فقط في إضفاء شرعية زائفة على ما تقوم به تلك الجهات المسيطرة . و غني عن القول في هذا الصدد أن تراجع نسب المشاركة في الحياة العامة ، و تدني الوعي السياسي بالشؤون العامة محليا أو دوليا مؤشر يؤكد على أن أوضاع تلك البلدان المزعومة " متقدمة" لا زالت غير بعيدة عن أوضاع بلدان توسم بأنها" متخلفة" ، و يذكر في هذا الصدد المناظرات التي أجريت مع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن مع منافسه "آل غور"، و التي أبان فيها عن جهل كبير بأوضاع العالم سياسيا و اقتصاديا على نحو مشين ، ومع ذلك نجح في الوصول الى الرئاسة ، وقد علقت والدته علي ذلك قائلة إنها لم تمت حتى رأت أغبي أولادها وقد أصبح رئيسا!
لقد حدثت ثورات شعبية جماهيرية كثيرة في التاريخ البعيد و القريب ، و لكن خابت تلك الثورات في خواتيمها دون مسعاها و آلت الى تكريس دول شمولية من أغرب ما يكون ( مثل الثورة على القيصرية في روسيا في 1917 ) . و في مصر في العصر الحديث كانت تقريبا أول ثورة شعبية هي في عام 1919 ، و لكنها لم تؤدي في نتائجها الى تغيير ملموس في الاوضاع المصرية ، حيث ظلت الملكية الفاسدة معربدة و استمرت القواعد العسكرية تدنس أرض الكنانة حتى ثورة يوليو 1952 التي "أنهت" الملكية إلى الأبد ، و " طردت" القاعدة البريطانية ( و قوامها ستون ألف جندي) ، و وضعت مصر في دائرة أحداث أمتها دولة قائدة و رائدة و قاعدة للعروبة و الاسلام، و أشرفت على تحرير الشعوب العربية من الاستعمار التقليدي ، و طرحت هذه الثورة على المسرح العالمي قضية فلسطين و دفعت كلفة باهظة في ذلك ( العدوان الثلاثي 1956 ، و نكسة حزيران يونيو 1967 ) ، غير أن " ميراث" هذه الثورة آل إلى مسار مختلف بدرجة مناقضة لروح ثورة يوليو ، حتى " تقزمت" مصر على نفسها ، و اختفي دورها الجيو استراتيجي ، و باتت " حارسة" لأمن و حدود العدو الصهيوني الغاصب ، و انهارت أوضاعها الداخلية على نحو مكارثي رهيب وصل درجة الانفجار في 25 يناير من العام الجاري ، و كان لا بد أن يحدث ما حدث ، حين طفح الكيل في مصر و بها ، فهل ستكون ثورة الشباب المصري الحالية ثورة حقيقية ، ذلك ما يبغي و يتمنى كل عربي أبيّ.
و من أجل ألا تسرق الثورات العربية ، سواء في تونس الخضراء أو في مصر المحروسة ، فإن إخواننا المصريين و التونسيين يجب ألا يرضوا أبدا بالتنازل عن سلطانهم ، ويجب ألا يقبلوا - تحت أية ذريعة - تقييد إراداتهم ، و لا يوافقوا – مهما كانت الظروف - على تفويض سيادتهم ، لأن دروس التاريخ تقرؤنا أن الإجتماع البشري لا يتجزأ سلطانا و إرادة وسيادة .
بذلك يثبتون أنهم فعلا يدقون عصرهم ، الذي أذن به ذات يوم مؤذن عصر الجماهير منذ أزيد من ثلاثين عاما ، حين قال إن جيل الغضب " الشباب" هو الذي ستكون له الكلمة الأخيرة ، وقد كان ! اهــ
27 يناير 2011
المجتمع و المرأة : اشكالية العلاقة
كما احتلت المرأة دورًا متميزًا ومكانةً كبيرة في العهد الإغريقي وفي جمهورية أفلاطون . و في المنطقة العربية ما قبل الاسلام ، فإن المرأة كانت مهانة و مذلة و اشتهرت فلسفة " وأد البنات " ( قال الله تعالى في القرآن الكريم :" و إذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت .. الآيات 8،9، من سورة التكوير) ، و كان الوأد فيما قيل خوفا من العار و الفضيحة ، أو تفاديا للسبي في الحروب و الصراعات الدائمة النشوب. و هكذا مرت قضية المرأة خلال التاريخ الانساني بمنعطفات هامة لم تكن محصلتها في مصلحة المرأة دائما، حيث نُظِر اليها نظرة دونية ، سواء في الشرق أو في الغرب .
فالكثيرون يستغربون انتقاد الدول و المنظمات الدولية لأوضاع المرأة في دول الجنوب ( و بالتحديد في الدول الافريقية و العربية و المسلمة) رغبة في الإعلاء من مكانتها ، بينما واقع المرأة في الدول التي تعتبر نفسها دولا متقدمة هو أيضا مدعاة للتفكّر و ربما الاستغراب بل و حتى الاستهجان ( بحسب اختلاف منظومة القيم الدينية أو الثقافية لكل شعب أو مجتمع) ، إذ من المعيب أن تفقد المرأة - في هذه الدول - اسمها مع كل رحلة زواج جديدة ، وتتسمّى باسم زوجها حين يتغير أزواجها ، فنجد إسمها يتغير في كل مرة ، فهي اليوم السيدة ميجور ، و غدا السيدة كاميرون ، و بعد غد قد تصبح السيدة سترو .. كما أن الرجل في تلك الدول له زوجة واحدة تساكنها في قلبه عدة عشيقات ، و للمرأة زوج واحد يعلم علم اليقين أنه يتشاركها مع مجموعة من العشاق!!
20 يناير 2011
عن موقف القائد القذافي من أحداث تونس!
بقلم- الدكتور أحمد ولد نافع- باحث و أستاذ جامعي
كعادته دائما فإن الأخ القائد معمر القذافي لم يتأخر في توجيه كلمة بشأن الأحداث الجارية بتونس ، وهي الكلمة التوجيهية التي مثلت تواصيا بالحق و الصبر لإخوانه ( إخويان : نطقها بالدارجية التونسية لرمزيته الدلالية المعبرة!).
و من المعلوم للمتابعين " المبتدئين" للشأن السياسي أن القائد القذافي ، منشغل منذ قيامه بثورة الفاتح 1969م ، بقضية الإنسان في عمومها و شموليتها و رفضه لكل أشكال القهر و الظلم و الاستغلال التي يمارسها الإنسان على أخيه الإنسان.
ولهذا فإن" أفكاره " و " خطاباته " و " مواقفه " مسكونة أبدا بقضايا الإنسان المهموم بمشكلاته و الراغب فى الانحياز لها ..
و لهذا فإنه حيث يكون الإنسان مظلوما في الوطن العربي أو إفريقيا أو أي مكان آخر في العالم ، فإن القذافي – غالبا وحده - يكون دائما إلى جانب قضايا الإنسان العادلة دون تورية أو استعارة أو كناية ، و لهذا ظل صوته " مجلجلا" و " صادحا بالحق " حيثما يحضر في القمم الرسمية و غيرها ، و بالتالي ظلت الشعوب و الجماهير تتطلع إليه – وحده ، أيضا - دائما لأنه صوتها الجهوري ، في مثل تلك المواقف ، الذي يتحدث بلسانها و يطرح قضاياها مباشرة دون التمترس خلف " دواعي الدبلوماسية" المضللة التي تضيع فيها حقوق الناس وقضاياهم!
و تكفي قراءة عادية و مراجعة بسيطة للقمم العربية أو الإفريقية أو العالمية ليدرك من يجهل ذلك حقيقة موقف القائد من قضايا الإنسان العادلة !!
و لذلك فإن من يريد أن يكتب عن موقف من مواقف الأخ القائد فيجب عليه أن يدرك أنه منحاز دائما للثورة الشعبية العالمية ، وقد بذل جهده دائما ، وحتى في ظل الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي و الغربي ، من أجل تحريض الشعوب المقهورة على نيل سلطانها و ممارستها مباشرة ، وكان طرحه دائما يمثل الطرح الفكري و الثوري المعارض على الصعيد العالمي ، و الغريب أن يغيب ذلك عن بعض من يحاولون التعبير و الكتابة عن قضايا مفروغ منها ، و الأغرب أن يكونوا ضحايا مواقف " مسبقة " و لا يكلفوا أنفسهم عناء المعرفة قبل إصدار الأحكام الظالمة الجاهزة و الخفيفة.
إن إدراك هذه الحقيقة هي التي تعين أمثال هؤلاء " الضحايا" على إدراك مغزى الآراء التي طرحها ، على وجه التحديد ، القائد في خطابه إلى إخوانه التونسيين ، وهم في لحظة زمنية صعبة بكل المقاييس ، سعى من خلالها الى التواصل معهم ، و أن يقدم لهم النصح الصادق لعدم " تخريب بيوتهم بأيديهم" ، خصوصا بعد أن حققت تونس في المرحلة السابقة الكثير من النتائج المهمة ، وهي بلد يفتقر إلى الموارد الطبيعية على نحو كبير ، و تحوطه الكثير من المعوقات عن تحقيق المزيد من آماله في إشباع حاجات مواطنيه.
و كانت الرسالة المحورية في الخطاب الموجه الى أهلنا في تونس أنه بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف حول الطريقة ، أو السياسة ، التي كان يسير بها و عليها نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي ، فإن جزء من نتائجها على صعيد التنمية ، بشهادات الأعداء و الأصدقاء ، هو لصالحه تماما ، حيث مكانة و وضع تونس تعليميا و صحيا و تحديثيا على نحو عام . مع وجود إخفاق ، إذا شئنا ، في موضوع الرأي و الحريات ونماذج من الفساد العائلي حسب الإشاعات الرائجة ..!
و لكن إذا كان أهلنا و إخواننا في تونس ضاقوا به ذرعا ، و هبّوا لنيل سلطتهم و ممارستها مباشرة على نحو أفضل من خلال ( السلطة الشعبية مثلا ) فهذا شيء رائع يدخلون به عصر الشعوب و الجماهيريات ( التي هي حقا نهاية التاريخ الإنساني..)، و بذلك تكون فعلا ثورة شعبية صادقة و تستحق الفخر و التمجيد و الاعتزاز في قلب كل حر أبيِّ . أما إذا كان ما سيحصل في نهاية المطاف ، وهذا هو غالبا ما قد يحدث بحكم المؤشرات الموجودة ، أنه سيعاد صراع الأحزاب و الأفكار و المصالح و التيارات المتنافرة و المتناقضة ، فقد ضحّى الشعب التونسي من أجل مصالح و أهواء أحزاب محدودة و مجموعات سياسية فقط لا تمثل إلا جزء من الشعب التونسي ، و ليست هي الشعب بأسره! ..
و إذا كان هذا كذلك ، فقد يكون التخلص من النظام الحاكم له أكثر من طريقة هادئة ، ودون الدماء و الفوضي " غير الخلاقة"! و "خراب مالطة " الذي حل بتونس الخضراء ، و أرجعها مراحل إلى الوراء و ضربها في مقاتل حقيقية وشوّه صورة أوضاعها على نحو سلبي بامتياز! .
إذن هذا هو المرتكز الذي دارت حوله فكرة رسالة و خطاب الأخ القائد إلى إخوانه من شعب تونس .. أما محاولات البعض ، من وسائل الاعلام المنتهجة للإثارة و الفتنة على طريقة هوليوود ، محاولتها التعريض بالقائد و الهجوم " الساقط" عليه من خلال نموذج قراءة " ويل للمصلين .." و السكوت عن باقي الآية الكريمة ، فذلك شأنهم و إناؤهم ، ولكنهم بذلك لا يكونون موضوعيين ولا منصفين ، ويضرون أنفسهم قبل أن يضروه من حيث يتصورون.. ويدل عليهم ما يتندر به الشاعر عن ناطح الصخرة يوما ليوهنها فلم يهنها و أوهي قرنه الوعل ! اهــ