قراءة و تحليل لكتاب " المجتمع و المرأة "
بقلم - أحمد ولد نافع
ahmedonava@yahoo.fr
يسعدني أن أتقدم بالشكر الجزيل الى الأخ / الأستاذ فرج بن لامه ، الذي أهداني هذا الكتاب ملتمسا قراءة نقدية و تحليلية له ، فقرأته على عجلة من أمرى! .
يحاول هذا الكتاب ، الذي يقع في أزيد من مائة صفحة بقليل من الحجم الصغير ، أن يجيب على التساؤلات الكبرى التالية :
ماهي العلاقة بين المرأة و المجتمع ، وماهي حقوق المرأة وواجباتها في هذا العصر ، و ماهي رؤية التيارات الفكرية و السياسية في الغرب أو في الشرق لقضية المرأة ، هل حرية المرأة هي في حصولها على العمل ، .. الخ .
و حاول الناشر ( المركز العالمي لدراسات الكتاب الأخضر) أن يوزع ذلك من خلال الجزئيات التالية :
- رسالة القائد للمؤتمر النسائي العالمي .
- المرأة و المجتمع اشكالية العلاقة .
- الاخلاق و الدين .
- حقوق المرأة وواجباتها.
- المرأة و العمل .
و قد ظلت قضية المرأة احدى القضايا الاشكالية التي واجهت المجتمعات الانسانية منذ زمن طويل ، حيث لعبت أدورا لا يستهان بها في الحضارات القديمة ، التي ذهب بعضها الى رفع مقام المرأة الى مرتبة تكاد تقارب الآلهة و باتت بناء على ذلك رمزا للخير و الخصوبة و النماء .
فمثلا في شريعة حمورابي ، فإن المرأة قد أخذت مكانة محفوظة ، و وصلت الى مركز مرموق حيث وجدت العديد من النصوص التي تنظم الأسرة ,وتحفظ بها المكانة, ودور المرأة في الحياة الاجتماعية. حيث كان من حقها الطلاق من زوجها, ورعاية أبنائها, وممارسة العمل التجاري, ولها أهلية قانونية, وذمة مالية مستقلة عن ذمة زوجها, ولها الحق في الرعاية, والنفقة. كما وضعت عقوبات قاسية على الشخص الذي يسيء معاملة المرأة ,أو ينتهك حقاً من حقوقها الثابتة .
كما احتلت المرأة دورًا متميزًا ومكانةً كبيرة في العهد الإغريقي وفي جمهورية أفلاطون . و في المنطقة العربية ما قبل الاسلام ، فإن المرأة كانت مهانة و مذلة و اشتهرت فلسفة " وأد البنات " ( قال الله تعالى في القرآن الكريم :" و إذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت .. الآيات 8،9، من سورة التكوير) ، و كان الوأد فيما قيل خوفا من العار و الفضيحة ، أو تفاديا للسبي في الحروب و الصراعات الدائمة النشوب. و هكذا مرت قضية المرأة خلال التاريخ الانساني بمنعطفات هامة لم تكن محصلتها في مصلحة المرأة دائما، حيث نُظِر اليها نظرة دونية ، سواء في الشرق أو في الغرب .
كما احتلت المرأة دورًا متميزًا ومكانةً كبيرة في العهد الإغريقي وفي جمهورية أفلاطون . و في المنطقة العربية ما قبل الاسلام ، فإن المرأة كانت مهانة و مذلة و اشتهرت فلسفة " وأد البنات " ( قال الله تعالى في القرآن الكريم :" و إذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت .. الآيات 8،9، من سورة التكوير) ، و كان الوأد فيما قيل خوفا من العار و الفضيحة ، أو تفاديا للسبي في الحروب و الصراعات الدائمة النشوب. و هكذا مرت قضية المرأة خلال التاريخ الانساني بمنعطفات هامة لم تكن محصلتها في مصلحة المرأة دائما، حيث نُظِر اليها نظرة دونية ، سواء في الشرق أو في الغرب .
و في المجتمعات الغربية ، ينظر اليها ، بنفس المنظار ، حيث تم دفعها دفعا الى الشارع لتكون رجلا حتى تستطيع العيش الكريم في حدوده النهائية ، بعد أن طغا الرجل و تجبّر و دفع الثمن في الحروب العالمية ( = الأوروبية) الاولى و الثانية ، التي اضطرت بعدها جماهير النساء الى الخروج الجماعي ، خلافا لما تفرضه طبيعتها و خلقتها و انوثتها خلافا لما يُتصَورُ أن المرأة في الغرب نالتْ حريتها و استقلاليتها و كرامتها.
ان واقع المرأة في الغرب كسلعة دعائية يزيّف تلك الحرية المزعومة التي تستحيل في الواقع الى حرية شكلية زائفة أبعد ما تكون عن الحرية الحقة التي لا تزال جماهير النساء تناضلن من اجلها و يبذلن التضحيات في سبيل ذلك ، و يأتي اعتبار الأمم المتحدة يوم الثامن من مارس كل عام كعيد سنوي لقضية المرأة ليبين أن المرأة في العالم كله لا تزال تستحق التكريم و الاحترام و التقديس .
إن كلا الرؤيتين هما وجهان لعملة واحدة تصدر عن ظلم صارخ للمرأة وفقا لهذه المجتمعات في الشرق او في الغرب ..لأنها مجتمعات رجعية تسودها أنماط التفكير ما قبل التقدمي.
و تنتقد هذه الرؤية تغييب نصف المجتمع من لعب دوره ، حيث يتم تصميم كل شيء باعتبار الرجل محتكرا لكل شيء ، و في ذلك استغلال و أنانية و تصوير المرأة كمتاع بشري لا أكثر و لا أقل . و هكذا فإن المجتمعات سواء في الشرق أو في الغرب لا تزال بذلك تضطهد المرأة حين لا تضعها في الحسبان في مسألة بناء المجتمع من كافة مكوناته .
كما تنتقد هذه الرؤية استغلال تفسيرات " دينية"! لبعض النصوص في التأكيد على عدم أهلية المرأة إلا للإنزواء في ركن قصي من البيت لا دور لها إلا دور هامشي بسيط جدا لا قيمة له ، و تعتبر تلك الرؤية ناجمة عن عدم فهمي حقيقي للدين الاسلامي الحنيف من هؤلاء الذين اختطفوا الحديث بإسمه حفاظا على مصالحهم الذاتية التي لا علاقة لها بالدين في روحه و مقاصده .
فالاخلاق مثلا ليست ، بالضرورة ، محصورة فقط بالشكل او المظهر ، بل هي قناعة لا علاقة لها بالملبس و لا بالشكل و لا باللون . فكل شكاوي الاعتداء في العالم تاتي من النساء ضد الرجال لانهم من يعتدي عليهن ، و بالتالي فالمرأة هي التي عندها اخلاق و ليس العكس كما ثبت أحيانا لدى بعض المجتمعات الانسانية.
وهنا من المنتقد بالنسبة للنساء اللواتي لا يبدين انزعاجا من تلك النظرات القاصرة في حقهن ، و ربما لأنهن تعودن على هذه المعاملة الدونية ، كالعبد الذي تعود على العبودية و اصبح يطالب باستمرارها!!، رغم أن ذلك يرتب فقدانه لحريته و آدميته و مصيره مقابل عدم تحمل المسؤولية .
ومن السخف بمكان تجذير و تبرير و تمرير العرف السائد ، عالميا ، من إسناد لوزارة الشؤون الاجتماعية للنساء فقط ، لأن في ذلك إقرار بعدم أهليتهن لدور جدي ، آخر ، في خدمة المجتمع ، وهذا تلفيق ما بعده تلفيق ، لأن قياس الأشياء بالنسبة للحكم على المرأة هو الاخلاق و العزيمة و قوة الشخصية و المعرفة و بالوعي و المقاومة ، وهذا خلاف لمن يرى أن قوة المرأة في "حجابها!" أو خوفها أو مشيها جنب الحائط في الظلام الدامس !!
و ترى هذه الرؤية الفكرية أن التحية التي تعطي للحكام و القادة و الملوك و الزعماء هي مأخوذة من التحية التي كانت – في الاصل – تقدم حصرا للمرأة تقديسا لدورها و احتراما لمكانتها الاجتماعية الكبيرة.
و تدّعي هذه الفلسفة أنها تعيد الأشياء إلى طبيعتها حين تقرر ضرورة المساواة في الحقوق و الواجبات بين الذكور و الإناث ، مع النظر الى الطبيعة البيولوجية لكل منهما .
فمن حقوق الانسان الطبيعية الأصيلة أن ينشأ في أسرة فيها أمومة و أبوة و أخوة ، أما الذين لا أسرة لهم ، لسبب أو لآخر ، فالمجتمع يجب أن يكون وليا لهم .
ان المرأة و الرجل لافرق بينهما إنسانيا ، فلايجوز لأي منهما زواج الآخر دون ارادته أو دون اتفاقهما الارادي المشترك ، أو يطلقه كذلك دون محكمة عادلة تحترم فيها القوانين ذات الصلة سواء دينيا أو اجتماعيا . لأن الأصل في الأشياء عموما هو أنها حرة و أي تدخل مضاد لقاعدة الحرية هو عسف و ظلم و استهتار بقيمة الحياة نفسها .
إن العمل الذي يناسب الرجل ليس دائما هو الذي يناسب المرأة و العكس صحيح ، فمثلا ، فالعمل الذي يتطلب جهدا عضليا و حركيا قد لا يتناسب مع طبيعة المرأة التي تتسم بالجانب العاطفي المعنوي الذي استودعها الله سبحانه في كينونتها الفطرية . و مالم يصحح العالم موقفه من ظلم المرأة و تهميشها فإنه سيظل أعوجا و غير سوي في كثير من أوضاعه الاجتماعية التي هي ركن أساسي في الحياة الإنسانية .
فالكثيرون يستغربون انتقاد الدول و المنظمات الدولية لأوضاع المرأة في دول الجنوب ( و بالتحديد في الدول الافريقية و العربية و المسلمة) رغبة في الإعلاء من مكانتها ، بينما واقع المرأة في الدول التي تعتبر نفسها دولا متقدمة هو أيضا مدعاة للتفكّر و ربما الاستغراب بل و حتى الاستهجان ( بحسب اختلاف منظومة القيم الدينية أو الثقافية لكل شعب أو مجتمع) ، إذ من المعيب أن تفقد المرأة - في هذه الدول - اسمها مع كل رحلة زواج جديدة ، وتتسمّى باسم زوجها حين يتغير أزواجها ، فنجد إسمها يتغير في كل مرة ، فهي اليوم السيدة ميجور ، و غدا السيدة كاميرون ، و بعد غد قد تصبح السيدة سترو .. كما أن الرجل في تلك الدول له زوجة واحدة تساكنها في قلبه عدة عشيقات ، و للمرأة زوج واحد يعلم علم اليقين أنه يتشاركها مع مجموعة من العشاق!!
فالكثيرون يستغربون انتقاد الدول و المنظمات الدولية لأوضاع المرأة في دول الجنوب ( و بالتحديد في الدول الافريقية و العربية و المسلمة) رغبة في الإعلاء من مكانتها ، بينما واقع المرأة في الدول التي تعتبر نفسها دولا متقدمة هو أيضا مدعاة للتفكّر و ربما الاستغراب بل و حتى الاستهجان ( بحسب اختلاف منظومة القيم الدينية أو الثقافية لكل شعب أو مجتمع) ، إذ من المعيب أن تفقد المرأة - في هذه الدول - اسمها مع كل رحلة زواج جديدة ، وتتسمّى باسم زوجها حين يتغير أزواجها ، فنجد إسمها يتغير في كل مرة ، فهي اليوم السيدة ميجور ، و غدا السيدة كاميرون ، و بعد غد قد تصبح السيدة سترو .. كما أن الرجل في تلك الدول له زوجة واحدة تساكنها في قلبه عدة عشيقات ، و للمرأة زوج واحد يعلم علم اليقين أنه يتشاركها مع مجموعة من العشاق!!
ومما يؤخذ على الكتاب أنه يطرح الموقف من المرأة من زاوية سياسية بحتة ، و كان متوقعا أن يجنح إلى التحليل العلمي الموضوعي لإشكالية المرأة تاريخيا و عمليا .
و كذلك ، فإن اقتصار الناشر على تجميع بعض الخطابات السياسية المتعلقة بالمرأة هو عمل أخل بالرسالة التي أراد توصيلها ، إذ كان الأجدى لو تم إفساح المجال للآراء الناقدة الأخرى من أجل إثارة النقاش و التحليل بين الأفكار ، و ليس عملية أن يشمت العاطس لنفسه كما يقال في الأمثال الشعبية.اهــ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق