16 أبريل 2008

كتاب " منح الرب الغفور في ذكر ما أهمل صاحب فتح الشكور"


مخطوط :" منح الرب الغفور في ذكر ما أهمل صاحب فتح الشكور "

المؤلف : أبوبكر بن أحمد المصطفي المحجوبي الولاتي سنة 1289 هجرية

دراسة وتحقيق : الدكتور الهادي المبروك الدالي - طرابلس - ليبيا

تقديم وتحليل : أحمد ولد نافع

كم كانت فرحتى كبيرة حين أهدى لي الدكتور الهادي المبروك الدالي( وهو أستاذ التاريخ بالجامعات الليبية والباحث المهتم بتاريخ شعوب الصحراء الكبرى والسودان الغربي) نسخة من أحد تآليفه الجديدة وهي عبارة عن دراسة وتحقيق لمخطوط نادر من أهم التحف العلمية الجليلة التي تزخر بها المكتبات الاهلية في موريتانيا وغيرها من دول افريقيا جنوب الصحراء.
وقد سبق وأن قرأت المخطوط " مادة خاما" قبل أن يحظى بدراسة او تحقيق في إحدى مكتباتنا الاسرية في مقاطعة جكنى ( الحوض الشرقي – موريتانيا) منذ مدة، وقد أخبرني الدكتور المؤرخ الناني ولد الحسين (أستاذ التاريخ الوسيط بجامعة انواكشوط)، أن المخطوط المذكور قد خضع للدراسة والتحقيق من طرف متخصصين في كلية الآداب قسم التاريخ – جامعة انواكشوط مؤخرا ، إلا أنني لم أطلع على تلك الدراسة.
وهذا ما جعلني أتلهف لقراءة مساهمة الدكتور الهادي الدالي الذي حقق المخطوط ونشره ضمن مجموعة الأبحاث والدراسات التي يشرف عليها إعدادا ودراسة وتحقيقا منذ سنين تحت عنوان سلسة التاريخ الثقافي المشترك لافريقيا فيما ورا ءالصحراء ، وهو جهد مشهود ومشكور،خصوصا أنه يوجه عناية الباحثين واهتمامهم إلى صفحات مضيئة لعلماء كبار لاذنب لهم إلا أنهم تحملوا حمل رسالة الاسلام في ظروف دقيقة وصعبة ونثروا مساهماتهم العلمية والفكرية في مخطوطات ضاع أغلبها ولم يبقي إلا النزر اليسير .

والكتاب الذي نعرض له باختصار هنا ، هو كما يشي بذلك عنوانه تدارك فيه مؤلفه ما اعتبره " إهمالا" من صاحب المؤلف الآخر الأشهر الذي ألفه العالم الولاتي الشهير البرتلي وأسماه :" فتح الشكور في معرفة أعيان وعلماء التكرور" وهو كتاب حاول فيه صاحبه تقديم فهرست شامل لأهم علماء عصره من " التكرور"، حيث قام فيه باحصاء حوالي 215عالما وفقيها. إلا أن ذلك العدد على كبره وأهميته وفي منطقة غير كبيرة من الناحية الجغرافية ليس دقيقا ، أو بالأحرى يقل عن العدد الاجمالي الحقيقي لعلماء التكرور من وجهة نظر صاحب المخطوط .وهذا ما دفع أبوبكر بن احمد المصطفي المحجوبي إلي تدارك الموقف و محاولة استكمال استعراض علماء التكرور وتكملة الجهد العلمي لأستاذه مؤلف كتاب فتح الشكور.وبالتالي أقدم على تأليف هذا المخطوط من أجل أن تكتمل صورة علماء التكرور إحصاءً وعددًا لمن لايعرفهم وهو كثير خصوصا في زماننا المعيش اليوم!.
وقد استطاع المحجوبي أن يضيف زيادة حوالي 120 عالما ، كما أنه أضاف ذكر الوقائع الشهيرة والعلامات الكثيرة التي حدثت بين الفترة 1200-1325 هــ ، وقد ذكر " المحجوبي" أنه بدأ تأليف كتابه سنة 1289 هـ ، و في البداية لابد من الإشارة إلى الاضطراب والغموض الذي يحيط بـمصطلح " التكرور"من الناحيتين التاريخية والجغرافية ، أو على الأقل عدم الاتفاق عليه من كثيرين ، حيث إذا أخذنا بتعريف العلامة الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي مؤلف " فتح الشكور" لوجدناه يعرف التكرور جغرافيا بحيث يمكن ان يشمل – بالإسقاط على الجغرافياالسياسية الراهنة- جزءا كبيرا من موريتانيا ومالي، حيث أورد في كتابه ترجمات عديدة لشخصيات علمية من البلدين كليهما. أما إذا أخذنا بتحديد أبوبكر بن أحمد المصطفي المحجوبي الولاتي صاحب " منح الرب الغفور" ، فإننا واجدوه غير مختلف كثيرا عن " البرتلي" إذ ينظر إلى إقليم "التكرور"على أساس أنه يشتمل :" تيشيت ، آغريجيت ، وادان ، شنقيط ، النعمة ، باسكنو ، تنبكتو ،أروان،...الخ" كما يوضح ذلك في الصفحة 5.

كما أن كثرين آخرين يقدمون توصيفات وتحديدات لـ"التكرور" تضيق أو تتسع بحسب معطيات كل واحد منهم ، وقد يعود هذا " الالتباس" التاريخي في جوانب منه إلى عوامل كثيرة نوجز منها – برأينا- للاستئناس الآتي:

1 - مرور مرحلة طويلة من الوحدة والانسجام بين الشناقطة وإخوانهم السودانيين منذ المرحلة المرابطية ، وتعززت بعد ذلك أثناء حكم الممالك الإسلامية ( مثل مالي ، والسنغاي..الخ) ، حيث يري البعض أن مرحلة مملكة السنغاي هي التي شهدت ميلاد مفهوم او مصطلح " التكرور" ، وذلك حدث اثناء " رحلة حجة " الاسكيا الحاج محمد سنة 723هــ الشهيرة التي زار فيها شمال افريقيا ، وحين قدم إلى القاهرة أنفق هدايا الذهب بسخاء وبذخ ظاهر أبهر مضيفيه الذين لقبوه مجاملة بــ"ملك التكرور"، فعقب عليهم أن التكرور لايعدو جزءا من مملكته الكبرى التي تضم أجزاء واسعة أخرى يبدو أنهم لايعلمون عنها شيئا!.
2- بعد انفصال ركاب الحج الشنقيطية عن ركاب الحج السودانية ، تم تمييز " التكرور" على اعتباره رمز وعلم جغرافي ضمن بلاد شنقيط ، وخصوصا في بعض أجزائها الجنوبية الشرقية ( التي شهدت فيما بعد نشوء الإمارات الحوضية كإمارة أولاد امبارك مثلا).
3 - وفي المرحلة المعاصرة استحال مصطلح التكرور إلي مفهوم "انتروبولوجي اثنوغرافي" ،حيث غدا يطلق على قبائل افريقية في موريتانيا ، حيث لايجد العرب(البيظان) غضاضة في نعت مواطنيهم من قبيلة الفلان ( HALPULLAR ) أو ( Foulpe ) على أنهم " تكارير"( جمع حساني للتكرور) ، وفي أحيان أقل تنعت به قبائل "آسوانك"(جمع بالدارجية الحسانية للسوننكي Sononike ) ، وإذا علمنا ذلك نجد كم تبدو المفارقة كبيرة وعجيبة بالنسبة لمؤلف كتاب " فتح الرب الغفور" حين نظر إلى الجميع على أساس أنهم ضمن نطاق " التكرور".

والشيئ اللافت لقارئ هذا الكتاب التاريخي المميز أن المحقق الدكتور الهادي المبروك الدالي أضاف من عنده كتقديم للكتاب توطئة تاريخية مفيدة لأمثالنا من غير المتخصصين عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عاشها المجال الجغرافي والبشري في التكرور ، حيث تعاقبت مراحل من حكم الإمارات التي ملأت ذلك الفضاء ، مثل إمارة أولاد امبارك التي بسطت نفوذها على أجزاء واسعة من الحوضين الشرقي والغربي ومايليهما من " أرض باغنه ودِلِّي" (Bagona et Dilly ) وغيرهما من دواخل الأراضي المالية المقابلة ، وكذلك إمارة مشظوف التي استمر نفوذها حتى قدوم الفرنسيين في بداية القرن العشرين .
كما تعرض المحقق كذلك لبعض الوقائع والمعارك التي حدثت بين القبائل المختلفة في فترات السيبة والفوضى و"اللا سلطان" ، مع الإشارة إلى نماذج حية من الجهادالاسلامي السوداني كجهاد الشيخ الحاج عمر الفوتي ، ولم ينسى أن يعرّج على ذكرتواريخ بعض الآفات والأمراض والظواهر الكونية التي كانت تحدث من حين لآخر في مجتمع الصحراء الفسيحة بهضابها وكثبانها الرملية المتطايرة ومناخها الصعب الكئيب.
ويذكر أن مخطوط " منح الرب الغفور" قد وردت فيه في غير ما موضع إشارات إلى بعض الأحداث من هذا النوع..وربما من ذلك كله استطاع المحقق ان يستخلص تلك المقدمة الهامة التي اوردها في بداية الكتاب والتي تعطي صورة حية ناطقة لجوانب الحياة في مجتمع البادية والصحراء في بلاد التكرور. وفي المحصلة فقد أثبت المحقق بعد جهد علمي ملحوظ أن كتاب "منح الرب الغفور" قد تضمن إشارة إلى خمسة وثلاثين قبيلة تقريبا ، مع تفصيل " شبه واف "! لعلماء كل قبيلة على حدة . كما أن هناك ملحقا خاصا يفصل العلماء ومؤلفاتهم بحيث بلغت التآليف حوالي مائتان وسبعون مؤلفا تقريبا ( الصفحة 274).

ومع كل ذلك فإن القراءة الأولي للكتاب تجعل المرء قادرا على الوقوف عند بعض "الهفوات " ، إذ أن لكل جواد كبوة ، كما لكل عالم هفوة كما يقال ، ومن تلك الهفوات عدم الإشارة إلي قبيلة "أولاد بله" ضمن فهرست القبائل في المنطقة ، وهو ما يخالف الحقيقة التاريخية حيث إنها إحدى القبائل الهامة في المنطقة المشار إليها ، ثم كذلك إضافته " الحراطين" (وهم الأرقاء سابقا) إلي سجل القبائل في الوقت الذي يعرف القاصي والداني أنهم فئة اجتماعية ضمن التقسم الاجتماعي القبلي للعمل الذي شهده مجتمع الصحراء منذ الدولة المرابطية ، ويقال إن زعيم المرابطين أبوبكر بن عامر هو أول من ابتبدأ ذلك التقسيم الاجتماعي لضرورات الظرف في حينه.كما أن المجتمعات والقبائل الافريقة ايضا تحتوي ذلك التصنيف الاجتماعي على غرار القبائل العربية تماما دونما تفريق ، يعرف ذلك كل من يعيش في دول الحزام الصحراوي الجزائر ومالي وموريتانيا والسنغال وبوركينا فاصو والنيجر.. الخ. وهو ما أشار له المحقق في الصفحة 104 من الكتاب.
ثم إن المحقق لم يشر إلى تاريخ وفاة المؤلف على نحو دقيق ومضبوط ، وقد انتهي تدوين الأحداث التاريخية عند سنة 1325 هــ ، وهو مالم يكن يتمناه المؤلف أبوبكر المحجوبي حيث ذكر في ثنايا مخطوطه أمنيته أن يصل بتدوين الأحداث إلى حوالي 1330هــ، وأشار إلى تلك الأمنية في غير ما موضع ، لكن قدّر الله وماشاء فعل ! ، حيث لم يتمكن من تجاوز السنة الخامسة والعشرون بعد الثلاث مائة للهجرة ، وكان آخر ما دونه من أحداث هو " المعاهدات" المبرمة بين بعض القبائل الموريتانية والفرنسيين ( يسمون محليا عندنا بالنصاري!) ،وكان ذلك ايذانا ببشائر طلائع الجيوش الغازية التي استعمرت بلاد شنقيط بجحافل جيوشها الجرارة حتى 28 نوفمبر سنة 1960 ميلادية حين ظهرت إلى الوجود دولة تحت مسمى " الجمهورية الاسلامية الموريتانية "..!

5 التعليقات:

غير معرف يقول...

عرض شيق

غير معرف يقول...

المخطوطة التي حققها الدكتور الهادي المبروك- طرابلس- ليبيا- وهي بعنوان (منح الرب الغفور في ذكر ما أهمل صاحب فتح الشكور) للعلامة أبوبكر بن أحمد المصطفى المحجوبي تعتبر (أديشن) بلغة اليوم لمخطوطة (فتح الشكور) لاستاذ المحجوبي ومعلمه البرتلي. وهي تغطية وإضافة هامة لأهم ما أهلمه صاحب فتح الشكور من علماء التكرور في الفترة من عام 1200-1325هـ (1785-1907م) الكتاب كان من تقديم الباحث الموريتاني الدكتور/ أحمد ولد نافع حيث بسط كعادته الكتاب وسهل تلقيه في كلمات موجزة قليله للقارئ غير المتخصص. أهم ما لفت انتباهي في الكتاب هو وجود بعض العلاقة العضويةالمباشرة بين العلماء التكرور في تلك الفترة وبين السودان الجغرافي الحالي. إذ من المعروف أن مملكة الفونج الإسلامية والتي تعرف أيضا بمملكة سنار وبالسلطنة الزرقاء تأسست في العام 1504م، أي قبل قرنين ونيف من انتهاء المؤلف من مخطوطته. إلا أنه بعد سقوط دولة الأندلس في العام 1492هـ (1794م)أي بعد أكثر من قرن ونصف من كتابة المخطوطة، بدأت هجرات واسعة من المغرب العربي الكبير خصوصا من عرب موريتانيا الحالية المعروفين بالشناقيط إلى السودان وخاصة منطقة كردفان بغرب السودان. لعب هؤلاء المهاجرون دورا هامافي إثراء علوم الدين والثقافة العربية وأكبر دليل على ذلك هو اتباع جميع أهل السودن للمذهب المالكي، ودخول الطرق الصوفية خصوصا الطريقة التيجانية وقراءة القرآن برواية ورش عن عاصم في أجزاء واسعة من غرب السودان. أعتقد أن هناك رابط قوي ودور حيوي لعبه العلماء التكرور بالسودان الحالي. وربما وجدنا في بعض المخطوطات الموريتانية القديمة ما يشير إلى ذلك صراحة. ربما. شكرا للمؤلف وللمحقق والمقدم على هذا الجهد الكبير.
أحمد قسم الباري- مترجم.

غير معرف يقول...

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
وبعد فإنني أهيب بالاستاذ أحمد بن نافع أن يصحح الخطأ المتعلق بهذا المقال, مبروك الدالي المذكور قام بسرقة علمية و اعتداء على الملكية الأدبية لكتاب : منح الرب الغفور في ذكر ماأهمل صاحب فتح الشكور الذي حققته عام 1993 فأخذه بقضه وقضيضه و نشره عام 2002 باسمه دون وازع ديني ولا علمي و قد نبهته على سرقته و لكن لاحياة لمن تنادي, و هو الان تحت طائلة المتابعة القانونية من عدة أطراف متضررة من سرقاته المتكررة
د. محمد الأمين بن حمادي محقق الكتاب

Ad يقول...

السلام عليكم واخص الدكتور احدم بن نافع اطال الله عمره ..لارك الله فيكم واعانكم ءامين

غير معرف يقول...

حتي انت د. محمد الامين بن حمادي قمته بسرق من نوع حديث للمخطوط انت سارق و مزوره

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : yahya