جوابا على سؤال الخليج الثقافي ..ضمن ملحقها الأسبوعي ..تشرفت بالجواب التالي ، ضمن إجابات علمية معمقة لمفكرين و علماء عرب من ذوي الباع الواسع في الموضوع ..و كان نص السؤال :
هل يحصل الكاتب العربي على حقوقه المادية و المعنية كاملة
في ظل حديث لا يهدأ ويتعلق بمفردات
عدة على رأسها الملكية الفكرية ؟
فكان جوابي هو :
" وضعية الكاتب في الدول العربية هي رمز لأزمة الفكر و
الثقافة العربية ، فالكاتب هو لسان حالها وهو الذي يعكس عمقها و قوتها .
و كان من المفترض مادام الكاتب العربي هو حجر الزاوية بهذا
الشكل أن يحصل على حقوقه المادية لنشاطه الذهني الموصوف بالكتابة ، خصوصا أنه يجهد
في نحت أفكاره من صخور معاناة أمته و شعبه محاولا كالطبيب تشخيص حاله متحسسا أوجاعه مستعرضا تاريخه المرضي باحثا عن
بلسم لشفائه . و هو بذلك قمين بأن يحظي بالتقدير الذي أقله الجانب المادي و أشمله
ما يضيف إليه الحقوق المعنوية التي يحس معها بقيمة ما يقوم به من جهاد و مكابدة
وهو يمارس فعل الكتابة .
إن إشكالية حقوق
الكاتب المادية و المعنوية تتنزل في صميم
الإشكالية الكبرى المسماة " الملكية الفكرية" التي هي من حيث الأصل إحدى توابع و ملحقات اتفاقية التجارة العالمية ،
و حقوق النشر هي إحدى الجوانب الرئيسية التي تدخل في الملكية الفكرية ..و يمكن
إدراج قضية الكتابة و الكاتب العربي ضمن هذا البند .. فما يكتبه أو ينشره هذا
الكاتب هو حق له محمي بموجب تلك الاتفاقية التي بصم عليها الجميع و له عليه أن
ينال مقابلا عنه يكون مجزيا و متكافئا مع المادة ، موضوع النشر ، التي لا يمكن تداولها أو نشرها أو الاستفادة
منها ما لم ينل صاحبها كافة حقوقه المادية و المعنوية كاملة غير منقوصة ..
غير أن الأمور في الواقع العربي لا تسير وفقا لتلك التوصيفات
النظرية الجميلة ، بل إن الكاتب العربي يظل أسيرا للمعاناة قبل أن يكتب ، بحكم
محاذير الكتابة و إكراهاتها و القيود التي تسورها ، فهو يكتب في بيئة غير حرة لا
تشجع على حرية الرأي و الفكر و الاعتقاد...و كثيرا ما دفع الكاتب العربي أثمانا
باهظة لذلك . ثم إنه إذا كتب ، و تجاوز تلك المطبّات ، فقد لا يجد من يقرأ ما كُتبَ
، و قبل و بعد الكتابة ، يكون جهد كبير قد ضاع دون حق مادي أو تقدير معنوي ..وهذه معاناة كبري يعيشها الكاتب
العربي في المطلق.
ثم إن الرأي العام ، في بعض تقييماته المجانبة للصدق ، ينظر
إلى الكتابة بأنها " شغل من لا شغل له "! وهذه هي الطامة الكبرى ..لأنه
في هذه الحالة سيكون الحديث عن حقوق مادية و معنوية للكاتب العربي هو لغو من القول ليس له " ما صدق "
بلغة أهل الفلسفة .
إن جهود الإصلاح و
التغيير و النهوض في السياق العربي لن تكون في طور النضج و الحصاد ما دام الكاتب
العربي بلا حقوق مادية أو معنوية ، فالآخرون الذين تبوأ الكُتّابُ فيهم منازلهم
تقديرا و توقيرا حصدوا ذلك تغييرا في العقليات و السلوكيات بإعداد إنسان صالح
للبناء و التنمية ، أما من نزل بالكُتّاب
من " عليائهم"! في تغيير المجتمعات ، فقد حصد ثمن ذلك تخلفا يتعمق خلال
الزمن مزيدا من القهقهرى في التاريخ و الجغرافيا تأثيرًا و حضوراً .اهــ.
وهذا الرابط الخاص بالملف كاملا :
http://www.alkhaleej.ae/portal/0871f514-1161-4e23-90a9-ca36ddbff801.aspx
0 التعليقات:
إرسال تعليق