19 فبراير 2011

صاحب المدونة في ندوة الثقافة العربية و آفاق المستقبل بمدينة سرت

اختتمت بحضور ( صاحب المدونة ، و زميله الأخ الدكتور محمد إسحاق الكنتي) أول أمس في مدينة سرت الساحلية الليبية فعاليات الندوة الثقافية حول الثقافة العربية وآفاق المستقبل تحت شعار الحفاظ على الهوية مسؤولية قومية وذلك ضمن البرنامج العام لاحتفالية سرت الثقافية الثانية .

وناقش المشاركون في هذه الندوة على مدى يومين مسؤولية الإعلام والنشر والمثقف العربي في حماية الهوية وتحقيق الوحدة العربية واللغة العربية مرتكز أساسي للهوية ووحدة الأمة العربية والبعد الديمقراطي للثقافة والإعلام الجماهيري.

وتهدف هذه الندوة إلى ترسيخ الهوية العربية والتاريخية ودعم اللغة العربية باعتبارها مرتكز الوحدة القومية ودعماً لإرادة الشعوب العربية وباعتبارها الوعاء الحافظ للتقاليد والقيم ووسيلة الإتصال مع الحضارات الأخرى وتحقيق التقارب بين الشعوب.

وقدم خلال هذه الندوة أكثر من20 بحثا ودراسة تم خلالها مناقشة مختلف قضايا الأدب والفكر والثقافة العربية واللغة وحماية الهوية العربية.

وأصدر المشاركون في هذه الإحتفالية بياناً ختامياً أكدوا فيه ضرورة إعادة النظر في المقررات والمناهج الدراسية بما يرسخ الهوية الثقافية العربية وتطبيق القوانين الصادرة بشأن استخدام اللغة العربية في جميع المراسلات والمستندات الرسمية الخاصة واعتمادها في جميع الاتصالات والكتابات وتدريسها.

ونوه البيان بأهمية تفعيل عمل المؤسسات ومجامع الثقافة واللغة العربية بغية إدماجها في الحراك الثقافي الوطني والقومي ودعم دور مجلس الثقافة العام للنهوض بمهامه علاوة على تنظيم إقامة احتفالية سرت الثقافية سنوياً وتفعيلها بما ينسجم مع التطورات العصرية.

وشارك في هذه الندوة نخبة من الأساتذة والكتاب والشعراء والمثقفين والفنانين والإعلاميين من كل من موريتانيا و سورية وليبيا ( البلد المستضيف للندوة و الاحتفالية ) ،وفلسطين وتونس والمغرب والإمارات العربية المتحدة.

14 فبراير 2011

هل دقت الشعوب - فعلا - أبواب عصرها !

بقلم – أحمد ولد نافع

باحث و أستاذ جامعي

إن الانتفاضات الشعبية التي عاشتها و تعيشها بعض الساحات العربية في تونس و مصر ، مثلا ، جاءت لتؤكد حقيقة باتت مستقرة على نحو جلي منذ العقد الأخير من الحرب الباردة حين تمت الدعوة و التوكيد على ضرورة الانتباه إلى عصر الشعوب الزاحف حثيثا ليضع حدّا للصراع على السلطة في التاريخ الإنساني . حيث تستولي الشعوب على سلطانها ، و مواردها ، الذي سلب منها قرونا طويلة تحت طائلة عدم رشدها و نضجها ومسؤوليتها و حاجتها الملحة إلى " وصي دائم" (رئيس ، أو ملك ،أو أمير ، أو حزب ، أو نخبة سياسية...الخ) ليقوم بتدبير شؤونها من خلال أنظمة ملكية أو أميرية أو رئاسية أو برلمانية أو غير ذلك !

غير أن مثل تلك الأطروحات الفكرية و السياسية ، كانت لغوا من القول ، في ظل أجواء عالم تتصارعه أفكار المعسكرين "الشرقي" ( الماركسية اللينينية) و " الغربي" (الرأسمالي)، و بالتالي لم يتم توثيقها و منحها العناية التي تستحق من المفكرين و السياسيين ، ربما لكونها تجهز على الأفكار التقليدية التي يتصورونها " تقدمية " و " حداثية " و لا سبيل إلى التشكيك فيها و زعزعة الإيمان بها على أي نحو !

ومع استمرار احتكار السلطة و الاستئثار بها نهائيا ، و تغييب الشعوب ، و التلاعب بثرواتها ، و حرمانها الحرية في إدارة شؤونها ، وعدم شعورها و تمتعها بحقوقها الإنسانية في المأكل و المشرب و المسكن و غير ذلك من الحاجات المختلفة ، كلها " بذور" لتقويض هذا الاحتكار و " إنهائه" ، و الانتقال إلى مرحلة ما بعد الجمهورية ، وهي أحد منتجات الثورة الفرنسية الشهيرة ، التي لم ترى منها الجماهير ، في أنحاء البسيطة ، إلا التسلط و الطغيان و القمع و الترهيب و التفقير و التجهيل برغم " الخطط " و " السياسات" و " المجالس البرلمانية" , و كافة الأطر " التمثيلية" الجوفاء.

و بالتالي كان لزاما أن تصل هذه "الجمهوريات" إلى طريق مسدود ، ولو بعد حين ، و تخرج الجماهير الشعبية ، في النهاية ، لتضع حدا للاستبداد و الدكتاتورية و الاستئثار عنها بالسلطة و الثروة و كل مظاهر القوة التي آلت حيازتها إلى جزء من الشعب دون أغلبيته الغالبة .

و حين انفرط عقد أنظمة هذه الجمهوريات ( تونس، مصر ، مثلا) و انفلتت الأوضاع الأمنية ، فإن الشعوب اهتدت بطبيعتها إلى آليات "شعبية" ذاتية من أجل ضمان أمنها و تسيير أمورها الجارية ، مما يعني أن الدعاوي بعدم قدرة هذه الشعوب على تسيير أمرها هي كلام فارغ أطلقه الحذاق و الأذكياء من أجل استمرار " حكم الشعوب" دون رغبتها و عكسا لمصالحها بالضرورة .

ولكن بدلا من ترك هذه الشعوب تكمل مسيرة ممارسة سلطتها التي حرمتها وبطريقة سليمة وسلمية عاقلة، فإن أولئك السياسيين الإنتهازيين ، يلتفون - كعادتهم - على هذه الإرادات الشعبية التي تهفو للتغيير الحقيقي الصحيح ، و يعيدونها إلى نفس الحلقة المفرغة من جديد ، وهي الحلقة التي دفعت ، و تدفع ، بهم لا محالة الى الثورة من جديد لاستلام سلطانهم المفقود منهم على مر التاريخ . و هذا ما يجعل المرء يدرك ببساطة أن الثورات الشعبية عمل تقدميّ بامتياز ، لكنها معرّضة للإجهاض ما لم تنتقل معها الشعوب – نهائيا- إلى مرحلة ما بعد الجمهورية .

و يجدر بالذكر ، في هذا الصدد ، أن العديد من الدراسات ، خصوصا في الدول الغربية ، التي تصدّت لدراسة ظاهرة الانتفاضات الشعبية ، توصلت إلى أنها – أي الثورات – ليست وسيلة دائمة مضمونة للحرية و التخلص من الدكتاتورية و التسلطية .

فقد أشارت ، مثلا ، بعض الدراسات الأمريكية ( مجموعة بيت الحرية لحقوق الانسان : فريدوم هاوس ) إلى أنه من بين 67 دولة حدثت فيها ما وصف أنه "ثورات شعبية" على ما اعتبر " أحكاما استبدادية" ، فإن 35 دولة انتقلت إلى " الحرية! = النظام البرلماني التعددي حزبيا " ، و 23 انتقلت "جزئيا" الى ذلك النظام ، بينما ظلت تسعة دول فاقدة لذلك الانتقال ، و تدهورت أوضاعها الى ما يشبه الدولة الفاشلة ( مثل : تفشي ظواهر جديدة كالتسول و الفقر المدقع و الجريمة و التفاوت الاجتماعي الرهيب ، و الفساد المالي في فترة " الحرية!" مع أنها لم تكن مألوفة في فترة " الاستبدادية !").

فلو كانت الأنظمة السائدة ، في الدول التي أعلنت الحرب على العراق و أفغانستان ، أنظمة " شعبية " بمعني أن السلطان فيها من الشعب للشعب و بالشعب ، هل كانت ستقبل شن هذه الحرب الغبية و المتخلفة إنسانيا و أخلاقيا و تمولها و تشرف عليها ، بالتأكيد فإن الإجابة ستكون لا النافية ، و الدليل عليها أن الشوارع الأمريكية و الأوروبية ظلت – طيلة فترات الحرب - تموج بالمظاهرات المترجمة لرفض الرأي العام في هذه الدول للحرب ، ومع ذلك ، لا أحد يلقي لها بالا ، و قامت الحرب رغما عن إرادة الشعوب التي تدّعي أنظمتها " كاذبة" أنها تمثلها ، و أنها أنظمة "ديمقراطية" و تقاتل من أجل نشرها بالقوة في العالم!!

بينما تبيّن الوقائع أن الفئات و الأحزاب المحتكرة للسلطة و الثروة في هذه الدول " المتقدمة " - كما ترى نفسها!- هي التي تغيّب شعوب تلك البلدان و تسرق سلطانهم و تبدد ثرواتهم و تتصرف من منظور مصالحها الخاصة الضيقة التي تختصر مصالح الأوطان فيها..و لا تقيم أدنى وزن للشعوب إلا باعتبارها " صعاليك" حرة فقط في إضفاء شرعية زائفة على ما تقوم به تلك الجهات المسيطرة . و غني عن القول في هذا الصدد أن تراجع نسب المشاركة في الحياة العامة ، و تدني الوعي السياسي بالشؤون العامة محليا أو دوليا مؤشر يؤكد على أن أوضاع تلك البلدان المزعومة " متقدمة" لا زالت غير بعيدة عن أوضاع بلدان توسم بأنها" متخلفة" ، و يذكر في هذا الصدد المناظرات التي أجريت مع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن مع منافسه "آل غور"، و التي أبان فيها عن جهل كبير بأوضاع العالم سياسيا و اقتصاديا على نحو مشين ، ومع ذلك نجح في الوصول الى الرئاسة ، وقد علقت والدته علي ذلك قائلة إنها لم تمت حتى رأت أغبي أولادها وقد أصبح رئيسا!

لقد حدثت ثورات شعبية جماهيرية كثيرة في التاريخ البعيد و القريب ، و لكن خابت تلك الثورات في خواتيمها دون مسعاها و آلت الى تكريس دول شمولية من أغرب ما يكون ( مثل الثورة على القيصرية في روسيا في 1917 ) . و في مصر في العصر الحديث كانت تقريبا أول ثورة شعبية هي في عام 1919 ، و لكنها لم تؤدي في نتائجها الى تغيير ملموس في الاوضاع المصرية ، حيث ظلت الملكية الفاسدة معربدة و استمرت القواعد العسكرية تدنس أرض الكنانة حتى ثورة يوليو 1952 التي "أنهت" الملكية إلى الأبد ، و " طردت" القاعدة البريطانية ( و قوامها ستون ألف جندي) ، و وضعت مصر في دائرة أحداث أمتها دولة قائدة و رائدة و قاعدة للعروبة و الاسلام، و أشرفت على تحرير الشعوب العربية من الاستعمار التقليدي ، و طرحت هذه الثورة على المسرح العالمي قضية فلسطين و دفعت كلفة باهظة في ذلك ( العدوان الثلاثي 1956 ، و نكسة حزيران يونيو 1967 ) ، غير أن " ميراث" هذه الثورة آل إلى مسار مختلف بدرجة مناقضة لروح ثورة يوليو ، حتى " تقزمت" مصر على نفسها ، و اختفي دورها الجيو استراتيجي ، و باتت " حارسة" لأمن و حدود العدو الصهيوني الغاصب ، و انهارت أوضاعها الداخلية على نحو مكارثي رهيب وصل درجة الانفجار في 25 يناير من العام الجاري ، و كان لا بد أن يحدث ما حدث ، حين طفح الكيل في مصر و بها ، فهل ستكون ثورة الشباب المصري الحالية ثورة حقيقية ، ذلك ما يبغي و يتمنى كل عربي أبيّ.

و من أجل ألا تسرق الثورات العربية ، سواء في تونس الخضراء أو في مصر المحروسة ، فإن إخواننا المصريين و التونسيين يجب ألا يرضوا أبدا بالتنازل عن سلطانهم ، ويجب ألا يقبلوا - تحت أية ذريعة - تقييد إراداتهم ، و لا يوافقوا – مهما كانت الظروف - على تفويض سيادتهم ، لأن دروس التاريخ تقرؤنا أن الإجتماع البشري لا يتجزأ سلطانا و إرادة وسيادة .

بذلك يثبتون أنهم فعلا يدقون عصرهم ، الذي أذن به ذات يوم مؤذن عصر الجماهير منذ أزيد من ثلاثين عاما ، حين قال إن جيل الغضب " الشباب" هو الذي ستكون له الكلمة الأخيرة ، وقد كان ! اهــ

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : yahya