في سلسلة ملاحقها الثقافية سألتني يومية الخليج الإماراتية عن " المثقف المستقل " ..أين هو ؟ و هل هو موجود في ظل الحديث عن دور المثقفين في الربيع العربي ؟
أجبتهم :
"... إنه سؤال إشكالي بامتياز ، أن نتصور " استقلالية !"
المثقف عن دوائر السلطة ليكون في الطرف المقابل لذلك في المعارضة مثلا ..فأهل
الحكم و السلطان لا يريدون إلا المثقف المصطف إلى جانبهم ليبرر سلوكهم السياسي
للرأي العام و الدهماء مهما كان ذلك السلوك شاذا و غير مقبول دينيا أو سياسيا أو أخلاقيا .أما جماعات
الرفض و المناوأة التي تعارض كل أو بعض سياسات السلطان ، فإنها هي الأخرى لا تقتنع
بدور مثقف لا يجاريها في أفعالها الحادة و
المتوترة غالبا..
و بالتالي فإن هذا الموقف هو ما يجعل المثقف في
موقف لا يحسد عليه ، إذ يصعب عليه التوفيق بين طرفي النقيض .
و لا يرمي ذلك
التوصيف تنقيصا من شأن المثقف الايديولوجي ، أو الحزبي ، لأن ذلك المثقف أيضا هو
صاحب فكرة و مبدأ قد يضحي في سبيلها
بالغالي و النفيس .
و هذا ما يثير
جدلا حول الوجود بالفعل لذلك النوع من المثقف المستقل في مواقفه و آرائه و
اجتهاداته . و لعل إطلالة راجعة على التاريخ الثقافي العربي الإسلامي تدلل على محن
كبرى تلقاها المثقفون في الحضارة العربية الإسلامية ، كانت برهانا على أن هناك
نفرا من المثقفين الذين قدموا حياتهم ثمنا
لاستقلالية مواقفهم و آرائهم ، و تمترسوا ضمن خندق الاستقلال ( الذي قد
يتقاطع في بعض جوانبه مع المعارضة ) رفضا و استدراكا على خندق السلطان ..
و مع ذلك يبقي المثقف المستقل عن الدولة و الحزب ، و الحكم أو المعارضة ، هو
البديل المفترض و المأمول الذي قد يوقد شمعة الأمل من أجل مستقبل أفضل يكون بلسما
لمشكلات الحاضر و عذاباته التي لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد في حلقة مفرغة تعيد
إنتاج ذاتها بشكل تلقائي .. سلاحه في سبيل ذلك التجرد و الصدق مع الذات و الآخر و
التضحية و تقديم النموذج الأمثولة "
ولمن يرغب في متابعة ردود النقاد و الكتاب و المثقفين العرب المستطلعة آراؤهم حول السؤال يمكنه زيارة الرابط التالي :
http://www.alkhaleej.ae/portal/7c4747ac-096d-44d3-9abe-e25355b98bb4.aspx
0 التعليقات:
إرسال تعليق