22 مايو 2014

العلاقات الاقتصادية المغاربية الخليجية : البواعث و الفوائد *


ملخص
حضور الاستثمارات الخليجية في المغرب العربي، تجربة رائدة وبحاجة إلى تحليل واقعها بصفة شمولية وموضوعية حتى يتسنى تحسينها وتطويرها وتقديمها كأنموذج مغرٍ للعمل الاقتصادي العربي المشترك، الذي هو صمام الأمان للمنطقة العربية كبديل اقتصادي حضاري يمكن أن يؤسس دعائم مستقبل عربي في عصر ما بعد الفضاءات الاقتصادية العملاقة والإنتاج المعولم.
وفي هذا السياق يأتي هذا الجهد البحثي التحليلي ليحدد العلاقات الاقتصادية المغاربية-الخليجية في بواعثها وفوائدها، مجيبًا على التساؤل الرئيس المتعلق بطبيعة تلك العلاقات ومظاهرها وجدواها للطرفين ومستقبلها في ظل البيئة الاقتصادية المتسمة بالتحولات البنيوية المتسارعة.
وقد تزايدت الاستثمارات الخليجية في المغرب العربي، إجمالاً من حوالي36 مليون دولار في سنة 1990(ما يمثل نسبة 8% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة) إلى حوالي 2986 مليون دولار في سنة 2012 (ما يمثل حوالي 40% من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة). وهذا يبين أنها تضاعفت أكثر من 82 مرة تقريبًا. الشيء الذي يشي بزيادة حجم تلك الاستثمارات المصنفة ضمن الاستثمارات البينية العربية-العربية، وفي المحصلة فقد مثّلت الاستثمارات الخليجية حوالي ربع الاستثمارات الدولية في المنطقة المغاربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعرف العصر الحالي الكثير من التفاعلات والعلاقات الاقتصادية بين الدول والمجموعات الاقليمية. وتتنوع صور وأشكال العلاقات الاقتصادية من تبادل تجاري أو تنقل وانتقال لعناصر الإنتاجمن عمل أو رأس مال أو علوم وتقنيات ومعارف.
وفي هذا السياق يأتي هذا الجهد البحثي التحليلي ليحدد العلاقات الاقتصادية المغاربية-الخليجية في بواعثها وفوائدها، مجيبًا على التساؤل الرئيس المتعلق بطبيعة تلك العلاقات ومظاهرها وجدواها للطرفين ومستقبلها في ظل البيئة الاقتصادية المتسمة بالتحولات البنيوية المتسارعة.
أولاً: بواعث الاستثمارات الخليجية في المغرب العربي
تُبنى العلاقات الاقتصادية عادة على قواسم مشتركة بين أطرافهاسواء كانت معطيات جغرافية أو سياسية أو اقتصادية أو عوامل اجتماعية ثقافية كاللغة والجذور والعادات والتقاليد.(1)
وليست العلاقات الاقتصادية المغاربية-الخليجية استثناء من ذلك، بل إنها علاقات تعززها وحدة التاريخ والثقافة والآمال والآلام والجغرافيا لأمة واحدة تبعثرت مكوناتها وحدودها منذ سايكس بيكو وتحولت إلى مشرق عربي(في القلب منه دول مجلس التعاون الخليجي) ومغرب عربي بدوله الخمسة (دول الاتحاد المغاربي)،ولعل هذا أول باعث للاستثمار بين الطرفين.(2)
وأحد البواعث المهمة التي لا تقل أهمية عما سبق،هو الباعث الاقتصادي،بمعنى الفرصة المتاحة والعائد المتوقع من النشاط الاستثماري؛حيث يتوفر الفضاء المغاربي على سوق ترتكز على كثافة سكانية: ليبيا بخمسة ملايين نسمة وموريتانيا بثلاثة ملايين(البلدان الأقل كثافة)، وتونس "10 ملايين"، والجزائر "30 مليونًا"،والمغرب "30 مليونًا".كما تتوافر الموارد الطبيعية ذات العلاقة بالتضاريس الجغرافية الخاصة للمنطقة، فهناك المياه النهرية(الشلف فيالجزائر ومجردة في تونس والسنغال في موريتانيا), مع تمايز بين حجم ومستوى التساقطات, وتفاوت في نصيب مساهمة الزراعة بمفهومها الموسع في الناتج المحلي الإجمالي للدول, وبالتالي هناك المواشي(الأبقار والجمال والماعز والخيول..) في أغلب الدول المغاربية التي تنتج كلها الحبوب والأعلاف والتمور ومختلف صنوف الفاكهة والخضروات. إضافة إلى توافر موارد النفط والغاز الطبيعيثم الفوسفات والحديد الخام والأسماك والتمور والمنسوجات والزيوت النباتية.(3)
وتمثل الصادرات المغاربية ما قيمته 47.53 مليار دولار ممثلة حوالي 17.8% من صادرات الوطن العربي وفقًا لأحدث إحصائيات متوفرة(نهاية2013) بينما وصلت وارداته في نفس العام ما قيمته 37.71 مليار دولار أي ما نسبته تقريبًا 22% من واردات الوطن العربي.(4)
إن توفر الفضاء المغاربي على هذه الموارد الاقتصادية الاستراتيجية المهمة والمتنوعة، رغم أن بعضها يتسم بالنضوب في الأمد الطويل(مورد النفط مثلاً)،جعله قبلة للاستثمارات العالمية عامة والاستثمارات الخليجية على وجه الخصوص.
ومما يثبت الأهمية الاستثمارية للمنطقة المغاربية أن عدد اتفاقيات الاستثمار حتى نهاية 2011بلغ حوالي 372 اتفاقيةتتعلق بشؤون ومسائل الاستثمار الدولي الصميمة من قبيلاتفاقيات تجنّب الازدواج الضريبي واتفاقيات الاستثمار الثنائية والدولية، فقد بلغت، مثلاً، الاتفاقيات الأولى حوالي 141اتفاقية، أما الثانية فبلغت حوالي 39 اتفاقية.(5)
إضافة إلى اشتمال دول اتحاد المغاربي كل على حدة على ترسانة قانونية تشجيعية للاستثمارات الدولية:مزايا وفرص وإعفاءات تصل حد المنح المؤقت وشبه الدائم(قد يصل في بعض الأحيان إلى 99 سنة، أي:ما يقارب قرنًا كاملاً من الزمن). وكذلك عضوية المجموعة المغاربية للأطر الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها منظمة التجارة العالمية "WTO"، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار"MIGA"، والرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (WAIPA). (6)
تلك المعطيات وغيرها تؤشر بجدية على تهيؤ وجاهزية وتحسن البيئة الاستثمارية المغاربية، الشيء الذي يجعلها منطقة جذب إقليمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة دولية كانت أم خليجية؛ إذ إن رأس المال متسم بالحساسية المفرطة والحذر المخاتل؛ ما يجعله يبحث عن أفضل الظروف التي توفر له آليات الزيادة والنماء.
ثانيًا: حجم الاستثمارات الخليجية مغاربيًا
من الثابت أن الاستثمارات الخليجية قد واكبت بعض الدول المغاربية منذ خمسينات القرن الماضي، فمثلاً يشير الرئيس الأسبق المختار ولد داداه في مذكراته إلى أن الدول الخليجية أسهمت في توطيد استقلال البلاد اقتصاديًا، وكان رأس المال الخليجي حاضرًا في تمويل طريق الأمل باعتباره أول طريق بري معبد يربط العاصمة نواكشوط بمناطق الوسط والشرق والجنوب الشرقي الموريتاني حتى مشارف الحدود مع جمهورية مالي المجاورة على مسافة تفوق الألف كلم.(7)
ولا تزال الاستثمارات الخليجية مستمرة في أكبر شركة وطنية، هي"الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "أسنيم"؛ إذ يمتلك البنك الكويتي الصناعي من مجموع رأسمالها 7.17% تقريبًا.(8)
لكن الطفرة الأكبر كانت مع تأسيس الاتحاد المغاربي ومجلس التعاون الخليجي في ثمانينات القرن الماضي؛ فمن خلال ما يمكن اعتباره أحدث بيانات وتقارير عن حركة الاستثمارات الدولية في دول الاتحاد المغاربي بشكل عام،فإن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذا التكتل الاقتصادي المهم-يمكن الاستئناس بما هو وارد في الجدول رقم1-قد تطور من حوالي400 مليون دولار في سنة 1989 إلى أن بلغت في سنة 2012حوالي 7442 مليون دولار بمعنى أنه تضاعف 18.60مرة.
جدول 1
الاستثمارات الأجنبية والخليجية في المغرب العربي
( المبالغ بالمليون دولار)
وربما تكون هذه الطفرة في الاستثمارات بسبب ما شهدته البيئة الدولية من تحولات عميقة جاءت وليدة للعولمة وثورة المعلومات والاتصالات التي ذوت فيها العوائق أمام انتقال رؤوس الأموال والعمالة والسلع والخدمات.
أما الاستثمارات الخليجية في المغرب العربي إجمالاً فقد تزايدت من حوالي36 مليون دولار في سنة 1990(ما يمثل نسبة 8% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة) إلى حوالي 2986 مليون دولار في سنة 2012(ما يمثل حوالي 40% من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة). وهذا يبين أنها تضاعفت أكثر من 82 مرة تقريبًا.الشيء الذي يشي بزيادة حجم تلك الاستثمارات المصنفة ضمن الاستثمارات البينية العربية-العربية، وفي المحصلة فقد مثّلت الاستثمارات الخليجية حوالي ربع الاستثمارات الدولية في المنطقة المغاربية.
ثالثًا: التوزيع الجغرافي للاستثمارات الخليجية في المغرب العربي
بالرغم من أن بعض البلدان المغاربية تصنّف عالميًا ضمن الدول المحدودة سكانيًا وكثيفة الثروة المالية بسبب تعاظم عوائدها النفطية(مثل: ليبيا، والجزائر) إلا أن دولاً مغاربية أخرى مصنفة أيضًا ضمن مجموعة الاقتصادات ذات الموارد المالية المحدودة(كالمغرب، وتونس، وموريتانيا) أخذًا بالاعتبار مستوى التباين الهيكلي بين اقتصادات تلك الدول.
ولهذا، فإن إلقاء نظرة على التوزيع القطاعي للاستثمارات الخليجية سيقتصر فقط في هذه الدراسة على الدول التي توفرت البيانات الكمية بشأنها؛ مماسيمكّن من إعطاء صورة أشمل وأوثق عن طبيعة القطاعات الأكثر استفادة من غيرها في جذب اهتمام الاستثمارات الخليجية.
ففي تونس مثلاً بلغت الاستثمارات الخليجية حوالي 146.8 مليون دولار ما يشكّل حوالي 30%من إجمالي الاستثمارات العربية في تونس، وقد توزعتتلك الاستثمارات من الناحية القطاعية الجدول 2.
جدول 2
التوزيع القطاعي للاستثمارات الخليجية في تونس
ومثلاً، فقد مثّلت الاستثمارات الخليجيةفي تونس في نهاية سنة(2010) حوالي 56.12% من الاستثمارات العربية و6.9% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال نفس الفترة.
ويري بعض الخبراء أنه خلال الفترة 2006-2012 فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة أسهمت في خلق أزيد من 59 ألف فرصة شغل ثابت ومهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي في تونس، وبحسب أحدث البيانات المتوفرة عن الاستثمار الأجنبي المباشر في تونس، تورد بعض التقارير المختصة أنه في سنة 2012، جاءت الاستثمارات الخليجية لوحدها مستأثرة بنصف الاستثمارات الأجنبية المباشرةأي: 50%،حوالي 48% منها استثمارات الدولة القطرية و2% استثمارات من الكويت. وقد تقدمت الأولى(الاستثمارات القطرية) في السنوات الأخيرة محققة حضورًا لافتًا يأتي في صدارة الدول المستأثرة بقوةبالمناخ الاستثماري في تونس بنسبة تفوق الاستثمارات الفرنسية مرتين التي ظلت حتى عهد قريب بلا منازع في التأثير الاقتصادي في هذه الدولة المغاربية المتوسطية.(9)
ووفقًا لبيانات الصندوق الكويتي للتنمية، وهو صندوق سيادي ، فإن دولتين مغاربيتين (الجزائر، موريتانيا) قد كانتا مسرحًا لعمليات هذا الصندوق الخليجي الاستثماري؛ففي الجزائر منح هذا الصندوق4 قروض موزعة على(قرض واحد للقطاع الزراعي، قرضين في مجال النقل، قرض واحد في مجال الاتصالات.(10)
أما في موريتانيا فقد منح الصندوق 18 قرضًا:اثنين منها في مجال الزراعة وسبعة قروض منها في مجال النقل، وثلاثة في مجال المياه والصرف الصحي، وخمسة في مجال الاتصالات، وقرض واحد في مجال الشؤون الاجتماعية.(11)
رابعًا:عوائد الاستثمارات خليجيًا ومغاربيًا
هناك فوائد ومزايا كثيرة ومتنوعة لأطراف العلاقات الاقتصادية؛ فبالنسبة للطرف الخليجي فإنه قد جنى كل حزمة المزايا التالية أو بعضها على الأقل:
  1. تمكن من مساعدة دول شقيقة بحاجة إلى عون مالي محدد.
  2. القدرة على النفاذ إلى السوق المغاربي بموارده الطبيعية، وهذا مفيد من الناحية الاقتصادية البحتة.
  3. الإطلالة على سوق اقتصادي أكبر هي السوق الإفريقية القارية التي يمثل المغرب العربي بوابتها الشمالية، الشيء الذي يمكّن الاستثمارات الخليجية من تملك موارد إضافية بالنظر لحجم الموارد الاقتصادية مغاربيًا وإفريقيًا.
مع أن الموضوعية في التحليل تقتضي الإقرار بغياب قاعدة معلومات عن حقيقة العوائد المالية للاستثمارات الخليجية من الناحية الفعلية، وهي ظاهرة تشكو منها الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذات المنشأ النامي خلافًا لنظيرتها المتقدمة.
أما بالنسبة لدول المغرب فقد تم استعراض الخريطة القطاعية للاستثمارات الخليجية بحسب ما هو متاح من بيانات ناقصة بطبيعة الحال، إلا أنه بشكل عام فقد استفادت الدول المغاربية -على تفاوت في ذلك- من الاستثمارات الخليجية في دعم وتمويل برامجها التنموية من خلال:
  1. رفع معدل التكوين الرأسمالي الذي مكّن من تنمية وتحسين أداء مختلف القطاعات الانتاجية(الزراعة، الصناعة، الخدمات).
  2. تقليل مخاطر البطالة من خلال خلق مواطن شغل جديدة؛ الأمر الذي أسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعمل على زيادة الدخل الفردي المغاربي وبالتالي تتحسن -مع الوقت- القدرة الشرائية ويتم تهيئة ظروف معيشية مريحة.
  3. تشجيع المنافسة المحلية في إنتاج السلع والخدمات مع وجود استثمارات أجنبية مباشرة أخرى؛ الشيء الذي يعمل في النهاية على تحسين المنتج المحلي كمًّا وكيفًا.
  4. دعم كفاءة الميزان التجاري المغاربي، من خلال زيادة الصادرات المغاربية، وهو ما قد يكون مدخلاً لمعالجة اختلال موازين مدفوعات الدول المغاربية.
خامسًا: رؤية الجانب الرسمي المغاربي للاستثمارات الخليجية
من أجل فهم جزء من رؤية وتقييم المسؤولين المغاربيين للاستثمارات الخليجية، يمكن الاستئناس بماقاله عبد القادر عمارة، وزير التجارة والصناعة المغربي؛ إذ يقول:"إن الاستثمارات الخليجية في المغرب عرفت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، غير أنها لم ترقَ إلى مستوى الطموحات المغربية والإمكانيات الخليجية".
وعلّل ضعف حجم الاستثمارات الخليجية بتوجهها للتركيز على قطاعات السياحة والعقار التي تعرف منافسة شديدة وانخفاضًا في المردودية، إضافة إلى الانطباع لدى المستثمرين الخليجيين بأنهم لا يجدون نفس التسهيلات مقارنة بدول أخرى مثل فرنسا.
وأوضح عمارة، أن هناك فرصًا إضافية للاستثمار الخليجي، خصوصًا في القطاع الصناعي، والمشاريع المشتركة الموجهة للتصدير إلى الأسواق الخارجية".(12)
أما شقيقه الموريتاني وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية سيدي ولد التاه، فقد قال:إن مجلس الوزراء الذي انعقد في 17يناير/كانون الثاني 2014، صادق على إبرام إيجار حصري لقطعتين أرضيتين في ولايتي اترارزه ولبراكنه لتحالف "الراجحي" السعودي، الذي كان قد وقّع مذكرة تفاهم مع الحكومة الموريتانية، سيقوم بموجبها باستثمار مبلغ مليار دولار، لإنجاز مشروع زراعي ورعوي، وآخر لاستزراع الأسماك وتحويله.(13)
وأضاف ولد التاه:إن الأراضي المؤجرة بعيدة من النهر، ولا توجد بها تجمعات سكانية كبيرة، وإن هذا المشروع الزراعي سيوفر محاصيل مهمة، مثل: القمح والذرة الشامية، وبعض عينات الحبوب الأخرى والخضروات لسد النقص الغذائي، وإن ري هذه الأراضي سيتم من خلال قنوات لسحب المياه من النهر واستخدام أساليب متطورة كالرش المحوري. وللمشروع جانب متعلق بالثروة الحيوانية من خلال المساهمة في توفير الأعلاف والموادالبيطرية.(14)
هاتان الرؤيتان تبيّنان إلى حد معين مستوى تعاطي النخب الرسمية وصنّاع القرار في المغرب العربي مع الاستثمارات الخليجية بشكل عام، أمّا المواطنون البسطاء وقادة الرأي الثقافي والفكري فلاشك أنهم متساوقون مع تطلعات شعوبهم في بلوغ أوضاع اقتصادية أفضل.
وتأسيسًا على ما سبق، ورغم حضور الاستثمارات الخليجية في المغرب العربي، يمكن القول إنها تجربة رائدة وبحاجة إلى تحليل واقعها بصفة شمولية وموضوعية حتى يتسنى تحسينها وتطويرها وتقديمها كأنموذج مغرٍ للعمل الاقتصادي العربي المشترك الذي هو صمام الأمان للمنطقة العربية كبديل اقتصادي حضاري يمكن أن يؤسس دعائم مستقبل عربي في عصر ما بعد الفضاءات الاقتصادية العملاقة والإنتاج المعولم.
_______________________________
أحمد ولد نافع - أكاديمي موريتاني، رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي في جامعة العلوم الاسلامية بالعيون- موريتانيا.
المصادر
(1) -أحمد جامع:" العلاقات الاقتصادية الدولية "(القاهرة، دار النهضة العربية، 1980)، ص15.
(2) من أجل تعميق التحليل عن دوافع الاستثمارات الأجنبية ودورها يمكن الرجوع إلى:
عبد السلام أبوقحف:"مقدمة في إدارة الأعمال الدولية"،(القاهرة، مكتبة الإشعاع الفنية، 1998)، ص238 وما بعدها.
(3) محمد الأمين أحمد جدو عمي:"أثر التغيرات العالمية والإقليمية بمشروع التكامل المغاربي"،(طرابلس-ليبيا، 2007) ص10 وما بعدها.
(4) CNUCED:"Rapport sur l, investissement dans le monde 2013",(USA. NATIONS UNIES Publication,2014).
(5) المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، تقارير مختلفة عن أوضاع الاستثمار القطرية، من خلال الموقع الشبكي للمؤسسة:
(6) المرجع نفسه.
(7) مذكرات الرئيس الأسبق المختار ولد داداه، النسخة العربية بعنوان "موريتانيا على درب التحديات". انظر الجزء الثاني منالفصل الثامن عشر: نحن والعرب.
(8) الموقع الشبكي للشركة الوطنية للصناعة والمناجم:
(10)  الموقع الشبكي للصندوق الكويتي للتنمية:
(11) المرجع نفسه.
(12) حوار مع جريدة "الشرق الأوسطاللندنية"-الخميـس 16 مايو/أيار 2013 العدد 12588.
(13) النشرة الخبرية للوكالة الموريتانية للأنباء بتاريخ 17 يناير/كانون الثاني 2014.
(14) المرجع نفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الناشر : مركز الجزيرة للدراسات بتاريخ 18/ ايار -مايو/2014
http://studies.aljazeera.net/reports/2014/05/201451810358720456.htm


21 مايو 2014

انطباعات أولية عن كتاب الخبير الدولي علي تراوري عن ظاهرة الشيخ حماه الله الشريف من تعريب الأستاذ الدكتور البكاي ولد عبد المالك


بقلم/ الدكتور أحمد ولد نافع
باحث و أكاديمي
   لقد كان حبوري عارما منذ سنوات حين اطلعت على نسخة  من كتاب الخبير الدولي و الأستاذ الدكتور علي تراوري عن الشيخ أحمد حماه الله الشريف باللغة الفرنسية  أثناء مشاركتي ومتابعتي لأعمال معرض القاهرة الدولي للكتاب في فبراير 2006 ، و تأسفت أنها لم تحظ - حتى تاريخه - بذيوع و انتشار إلا في نطاق نخبوي محدود  و  لدى بعض الأوساط الأكاديمية التي تتابع ما ينشر بالفرنسية ، أما جمهور القراء العاديين الذين يفترض أن الكتاب موجه إليهم بشكل أو بآخر بالنظر لموضوعه و مضمونه ، فإنهم لن يتمكنوا من الاستفادة من هذا الكتاب القيم ، الذي تطور من أصله  كأطروحة لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ في جامعة الشيخ انتا جوب السنغالية في السبعينيات ، إلى كتاب قيّم أضاف إلى الأبحاث الرصينة المهتمة ببعض جوانب جدلية  التاريخ الاستعماري و المقاومة في افريقيا ، و تحديدا في غرب افريقيا ، و هي جوانب تظل بحاجة الى المزيد من الأبحاث العلمية الجادة ذات النفس التحليلي الموضوعي المعمّق مثل ما فعله الدكتور علي تراوري في كتابه الذي نغتبط به الآن .
    وقد كانت مفاجئة سارة حين أعلمني أخي الباحث الأستاذ الدكتور البكاي ولد عبد المالك  ( أبو عطاء) ، أستاذ الفلسفة في الجامعات الليبية و الموريتانية سابقا ووزير التعليم العالي حاليا، بتكليفه من الاخوة في جمعية الدعوة الاسلامية العالمية في ليبيا في سنة 2010 بتعريب الكتاب و أطلعني عليه ، و ذلك لمعرفتي بجديته البحثية و صرامته العلمية في الترجمات التي أتحف بها المكتبة العربية حتى الآن ،  و التي شكلت مصدرا معرفيا زاخرا  أبانَ عن ما يتمتع به الدكتور البكاي عبد المالك من قدرة معرفية فائقة على امتلاك ناصية اللغتين ، سواء تلك التي ينقل منها " الفرنسية " أو " لغة الضاد " التي ينقل إليها.
 و يحمد للأخ الدكتور البكاي ولد عبد المالك أنه بهذا الجهد الكبير أتاح مادة تاريخية مهمة للدراسة و التحليل للمهتمين في إفريقيا بدراسة ظاهرة الشيخ حماه الله في مقاومته للاستعمار الفرنسي ، وهو ما يتطلب الأناة و المثابرة على النحو الذي قام به مؤلف الكتاب .
  و كما سيرد بشكل مفصل في جوانب داخل متن الكتاب لقد كان الشيخ حماه الله مثالا ، باعتراف الوثائق الاستعمارية الفرنسية ذاتها ، للشيخ الصوفي ، و العالم المجاهد الذي لا تأخذه في الله لومة لائم ، و يبدو أن هذه الجوانب من شخصيته فاجأت الفرنسيين على نحو كبير ، و ربما جعلتهم يختارون - ربما - الأسلوب الخاطئ  في التعامل معه أي أسلوب" الصّدام " المباشر ، وذلك ما جعل الشيخ أحمد حماه الله تلقائيا  يقف في صف المقاومة و الجهاد ، هذا الأخير الذي صنعه إلى جانب شخصيات جهادية إفريقية كبيرة مثل الحاج عمر بن سعيد الفوتي و الأمير عبد القادر الجزائري ، و شيخ المجاهدين في ليبيا عمر المختار ، وساموري توري ، وغيرهم كثير ..

 و هكذا تعرض شيخنا حماه الله للسجن  في أماكن مختلفة من الغرب الافريقي و النفي داخل القارتين الافريقية و الأوروبية ، وكذلك أتباعه التيجانيون الحمويون الذين عذبوا سنوات طويلة في معسكرات الاعتقال الجماعي في مناطق مختلفة  من موريتانيا و شمال مالي ، و اغتيل إثنين من أبنائه ( بابَ و الشيخ سيدي أحمد) و كبار الشخصيات الاجتماعية القبلية المحسوبة عليه في منطقة التخوم المالية الموريتانية ، و هدمت زاوياه  الصوفية حيثما كانت ، و شرّدت أسرته ، وبات التعاطف معه تهمة مؤدية للاعتقال و التعذيب ، ،، الخ .
  كلّ تلك الصعاب و الابتلاءات لم تفت في عضده شيئا ، كما تشهد بذلك الوثائق الاستعمارية الفرنسية ، و ظل ثابتا صامدا كالتمثال ، في سبيل مواقفه ، رمزا للإيمان و التضحية و الفداء .
 إن مسيرة خليفة التيجانية  شيخنا حماه الله ، كما عكستها مواقفه منذ بداياته الأولى في إحدي مدن السودان الغربي " مدينة نيورو – الساحل " إلى منفاه الأخير ومستقره  في " مونتلصون " قرب  العاصمة الفرنسية باريس في أثناء حكومة الجنرال " فيشي " العميلة للاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية ، جديرة بأن توضع تحت أضواء " علمية " كاشفةٍ لعلها تجيب على بعض الأسئلة المعلقة منذ اعتقاله و نفيه النهائي الأخير ، وماجري من تطورات ومضاعفات أثّرتْ على طريقته و أتباعه و مريديه الذين منهم من ينتظر عودته ، ولو بعد حين من الدهر .
 و قد حاول الدكتور تراوري أن يدرس ، بشكل علمي منهجي أصيل ، كافة تلك الملفات الشائكة في ضوء ما أتيح له من مصادر ومعطيات مختلفة المشارب و الاتجاهات ، و ما كان له أن يكتب كل ذلك ، إلا بعد أن اطلع على عشرات الوثائق و التقى عديد الشخصيات و الشهود الأساسيين للأحداث سواء في موريتانيا أو مالي أو السنغال أو ساحل العاج أو فرنسا .
 و إجمالا ، لا يمكن إغفال الإشادة بجودة اللغة التي تم بها تعريب الكتاب و دقتها التعبيرية ، حيث لم تغرق في اللغة النخبوية المفرطة في التعالى ، إن صحت العبارة ، لأن المترجم أراد أن تتسع دائرة القراء لهذا السفر العظيم الذي أطعمته الترجمة بمحسّنات فلسفية جمالية أخاذةٍ لا شك  أنها ستزيد من التشويق للموضوعات التي تناولها المؤلف .. و هنيئا لنا معشر القراء بهذا الكتاب القديم الجديد الذي يعيد طرح ظاهرة الشيخ أحمده حماه الله و الحموية من جديد إلى دائرة الاهتمام و النقاش ، ويعتبر إضافة نوعية للمكتبة العربية و الافريقية  دون أدنى شك  ..

 و الله الموفق للصواب

28 فبراير 2014

تأسيس رابطة طلاب و خريجي قسم الاقتصاد الاسلامي

أعلن مساء الخميس 20/02/2014 في قاعة المحاضرات و المؤتمرات الدولية بجامعة العلوم الإسلامية بلعيون عن ميلاد أول رابطة لخريجي الإقتصاد الإسلامي بمبادرة من طلاب قسم الاقتصاد بالجامعة. وقد افتتح هذا النشاط بآيات بينات من القرآن الكريم بعدها القي كلمة إدارة الجامعة السيد الأمين العام للجامعة الاستاذ محمد ولد بديه الذي حيا فكرة إنشاء هذه الرابطة التي تضم طلاب قسم الاقتصاد الاسلامي الذين سيمثلون إضافة مهمة و نوعية لسوق العمل الوطني . 
ثم بعد ذلك تحدث في الاحتفالية الأستاذ الدكتور أحمد ولد نافع رئيس قسم الاقتصاد الاسلامي بالجامعة ، حيث رحب بالأمين العام للجامعة و نائب عميد كلية اللغة العربية ، و الزملاء رؤساء الاقسام العلمية و كافة الأساتذة و الطلاب ، و أشاد في كلمته بإنشاء قسم الاقتصاد الإسلامي لأول مرة في جامعة رسمية وطنية. 
أما رئيس الرابطة الطالب / اشريف ولد سيد محمد - وهو أحد طلاب السداسي السادس - ، فقد أوضح في كلمته أن الرابطة الوليدة تسعى الي المساهمة في التنمية برؤية اقتصادية إسلامية وإلي التنبيه بخطر المعاملات التقليدية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وذلك من خلال مجموعة الوسائل والأهداف التي ستعمل الرابطة على ترجمتها على أرض الواقع ومنها
: 1 - إبراز دور الاقتصاد الإسلامي في عملية التنمية،
2 ـ التعاون مع العلماء والأساتذة لإبراز المعاملات الصحيحة،
3 ـ التصدي للمعاملات غير الشرعية،
4 ـ توعية المجتمع بخطورة الربا،
وفتح المجال بعد ذلك للمداخلات و المشاركات التي تبادلها طلاب الجامعة، حيث كانت مناسبة لخلق جو من تبادل الرأي و التفاعل الحر بين طلبة مختلف أقسام الجامعة.

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : yahya