17 نوفمبر 2009

الحجاج في البلاغة المعاصرة للدكتور محمد سالم ولد الطلبة



اسم الكتاب : الحجاج في البلاغة المعاصرة ..بحث في بلاغة النقد المعاصر
المؤلف : محمد سالم محمد الأمين الطلبه
سنة النشر : 2008
جهة النشر : دار الكتاب الجديد المتحدة _ بيروت لبنان
عدد الصفحات : 320 ص



عرض وتقديم .. الدكتور أحمد ولد نافع*
يناقش الكتاب موضوع الحجاج في البلاغة المعاصرة ، ويؤصل لذلك بدءاً من البلاغة الأرسطية وصولاً إلى إعادة القراءة التي عرفتها البلاغة القديمة عموماً على يد النقاد المعاصرين من أمثال رولان بارت و تزيفتان تودوروف وهنريش بليت، وأساساً المدرسة البلجيكية ممثلة في بيرلمان و تيتيكا و مايير وغيرهم. كما يحاول الكتاب تقديم خارطة عامة لتجليات بلاغة الحجاج في الهرمنيوطيقية المعاصرة، ومدرستي القراءة والتلقي؛ هذا إضافة إلى قراءة للإسهام البلاغي العربي في بلاغة الحجاج تحديدا والبلاغة المعاصرة عموما . و قد ناقش المؤلف موضوعه في ثلاثة أبواب و ستة فصول .

17 مايو 2009

في عزاء موريتانيا برحيل الإمام الأكبر بداه ولد البوصيري

بقلم / الدكتور أحمد ولد نافع

تنفطر القلوب و تدمع العيون في لحاظ الخطب الجلل ، و لاشك أن الموت هو إحدى تلك اللحاظ المهيبة التي تتأثر بها النفس البشرية لا إراديا ، و قد حزن الرسول الأكرم صلى الله عليه و على آله و صحبه حزنا شديدا على عمه ابي طالب و زوجته خديجة و ابنه ابراهيم ، و بذلك يكون الحزن سنة نبوية شريفة .
و برحيل الإمام الأكبر و فقيه الفقهاء الشيخ بداه ولد البوصيري تكون موريتانيا قد فقدت أحد واضعي حجر أساسها المعرفي المكين ، حيث ظل العلامة الراحل هو المرجع النهائي للفتيا و الإمامة في هذه البلاد منذ استقلالها في ستينيات القرن الماضي .
و من المعروف أن الشيخ بداه قد حاز من العلوم و المعارف العربية و الاسلامية المتداولة في المحاظر الشنقيطية ما جعله منارة شامخة تذكر بعهود تألق العلماء و الفقهاء الشناقطة في الأيام الخوالي ، ولهذا ليس بالغريب أن يختار – بالإجماع - و بلا منازع ليكون أول إمام للدولة الفتية ، نظرا لعلمه الموسوعي الشمولي ، بالإضافة إلى السمات الشخصية و الخلقية التي يتمتع بها و التي جعلته صداحا بالحق قوالا له في وجوه نسخنا المحلية من السلاطين و الحكام .
و قد كنا ، و نحن صغار ، نسمع الشيخ بداه بصوته الجهوري المميز على أثير الإذاعة المسموعة في الجُمَعِ و الأعياد و نتأثرا إعجابا بما يقوله رغم محدودية إدراكنا الحقيقي للكثير من المعاني و الدلالات التي تشملها تلك الخطب الجميلة .
و أتذكر في ثمانينيات القرن الماضي الإشادة التي قالها الوالد الراحل العلامة الفقيه إدوم ولد نافع التجاني الحموي ، قدس الله سره ، في حق الشيخ بداه البوصيري رحمه الله ، حيث روى لنا عن بعض وقائع أول لقاء جرى بينهما بترتيب من السيد محفوظ ولد خطري النائب الحالي لمقاطعة جكني ، و حكي لنا عن مضمون اللقاء و النقاش " الفقهي " الذي دار بينهما و تنوع من مسائل غيبية تتعلق بخلق الملائكة ميلادهم و هلاكهم ، إلى بعض نوازل الفقه و رؤية الشيخ بداه لمسائل التقليد و التجديد في الفقه المالكي ، كما أثني على تواضعه و كريم أخلاقه ، و أضاف أنه قبل نهاية اللقاء دخل أحد تلامذة الشيخ بداه بورقة تشرح مشكلة شخصية حول شرعية طلاق أحدهم لزوجته ، وحين قرأ الشيخ بداه الرسالة دفعها إلى الوالد قائلا : ما رأيك في هذا ؟؟ و لما اطلع الوالد على النازلة رأى أن الطلاق يمكن أن يعاد فيه النظر ، فالتفت الشيخ بداه على السائل قائلا له بروح تملؤها الدعابة و الأريحية : لقد أرجعها عالم " لقلال " !
و توثقت عرى الوصل بين الوالد و الشيخ بداه بعد ذلك ، حيث كثيرا ما يرسل الأول إلى الثاني فتاواه الفقهية راجيا رأيه و مشورته فيها ، ومن هذا على سبيل المثال أن الوالد أجاب في إحدى زياراته للعاصمة انواكشوط عن سؤال لأحدهم عن حكم الجهر بالبسملة في الصلاة ، فأجابه باقتضاب و أرسل ما كتبه للشيخ بداه الذي علق بخط يده مقرظا : " هذا فقه مسلم عندنا أصلا و فرعا .. كتبه بداه ابن البوصيري "
و في فتوى ثانية متعلقة بحكم سلم الفلوس بعضها ببعض علق العلامة الجليل بداه البوصيري قائلا : " أما بعد فقد تأملت الأنقال التي تضمنها هذا المكتوب فإذا عزوها سليم صحيح ، ومغزاها سليم ، و أنا سابقا أقول للناس إني أرخص لهم فيه عوضا عن معاملة الأبناك ، ونظرا إلى أن الإمام مالك رضي الله عنه اختلفت فتاويه وحده دون أصحابه إلى ما زاد على مائة مجلد " ، ويضيف الشيخ بداه :" فجيز ذلك الإمام الأصولي النظار المجتهد الفقيه أبا اسحاق الشاطبي حتى ذهب الى شيخ المشائخ ابن لب فسأله عن وجه ذلك فقال الترخيص للسائلين ، ونظرا لما في شرح المواق عند قول المصنف في الإجارات احصر و ادرس ولك نصفه من عدم قبول هذا النص ، و قوله ان هذا لا تضيق به على الناس معايشهم الى غير ذلك و هو كثير في الفروع و الاصول .." اهـ
هذا غيض من فيض هذا العالم اللوذعي النابغة بداه البوصيري ، الذي يستحق على الدولة الموريتانية أن تكرمه و تحفظ مقامه بنشر تراثه الفقهي الزاخر للأجيال الصاعدة لتنهل من معينه الذي لا ينضب ، هذا ما يحفظ للأمة ذاكرتها و يجددها باستمرار ، و الأمم الحية لا تموت ، بل إنها تجعل من مناسبات رحيل عظمائها فرصة لجعلهم خالدين يحيون من جديد من خلال نفض الغبار و الإهمال عنهم و تقديمهم بالصورة اللائقة حتى يظلوا بمنأى عن النسيان و الهجر .. و لاشك أن ما بثه الشيخ بداه من علم و فقه في صدور رجال من كافة أنحاء الوطن ومن كل القبائل و الفئات لقمين بأن يحفظ علمه الغزير الذي وصل به ما انقطع من تاريخ الآباء و الأجداد الشناقطة الذين شرقت وغربت علومهم و معارفهم وحفظ لهم التاريخ مكانة ومكانا عز نظيره ..
و لايفوت المرء أن يشير الى أن مناسبة رحيل الشيخ بداه قد جاءت بعد أسبوع واحد من رحيل عالم شنقيطي آخر هو العلامة الشيخ محمد سالم ولد عدود ، و هي مصيبة أخرى لعلوم اللغة العربية و الشريعة الاسلامية ، ولكن لا نقول إلا ايمانا و تسليما بإرادة الحي الذي لا يموت سبحانه " إنا لله و إنا إليه راجعون "..
و موريتانيا التي أنجبت هذين العلمين البارزين الشيخ بداه و الشيخ محمد سالم بقادرة بحول الله أن تنجب المزيد من العلماء و أهل الفضل مهما بدا الواقع سيئا ، و من يقنط من رحمة ربه إلا الظالمون .. صدق الله العظيم.

23 أبريل 2009

عن أبعاد زيارة القائد القذافي و صلاته في بلاد شنقيط

عن أبعاد زيارة القائد القذافي و صلاته في بلاد شنقيط

بقلم / الدكتور أحمد ولد نافع

تذكر كتب السيرة و الهدي النبويين أن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم كان " إذا حزبه أمرُ دعا المسلمين إلى الصلاة" كما روى أبو داوود و غيره ، و في ذلك ما فيه من دلالات دينية كبرى أن الصلاة الجامعة هي مفتاح الحل للأزمات المستعصية ، و نهجا بتلك السنة العظيمة دأب الأخ القائد معمر القذافي منذ سنوات عديدة في منتصف تسعينيات القرن العشرين إلى الصلاة الجامعة للمسلمين ، في افريقيا مع حضور من مسلمي أنحاء العالم ، باعتبارها فرصة ثمينة للم الشمل و استذكار ضرورة الاعتصام بحبل الوحدة الاسلامية في عصر " القصعة " الذي بدأ يلقي بكلكله على الأمة جمعاء و على الدين الاسلامي حتى رادفوه بالإرهاب و الكراهية و العنف .
و لم يكن اختيار بلاد المنارة و الرباط (موريتانيا) مكانا للصلاة الاسلامية الجامعة أمرا عبثيا و غير ذي مغزي تاريخي ديني و سياسي و استراتيجي ، بل إنه أتي استذكارا و وفاء للدور التاريخي الكبير لجيل الرعيل المؤسس للمرابطين الذين بلغت دولتهم حينا من الزمن شأوا بعيدا في التقدم و الازدهار ، كما أنه يقدم ربطا للحاضر و المستقبل بماضي الأمة الموحد من أغاديس إلى تمبكتو إلى ولاتة وشنقيط و فاس و اتوات و القيروان و غدامس و مرزق.
علاوة على ما تنطوى عليه سنة إحياء المولد النبوي الشريف بالذات ، وفي هذا الزمن تحديدا ، من دفع للمسلمين إلى التمسك بسنة النبي الأكرم الذي لايكتمل إيمان المسلم دون حبه و تعظيمه و نصرته و مودته في القربي.
ثم إن هذه الربوع القصية من أطراف الأمة العربية و العالم الاسلامي تقع في دائرة الاستهداف الغربي لموقعها الجيو استراتيجي المهم على التخوم بين الساحل العربي و الصحراء الكبرى التي باتت أعين مخططي حروب القرن مركزة عليها لحاجات متشعبة و غايات سياسية و اقتصادية.
و لهذا من المهم جدا إرسال رسالة إلى أولئك ووكلائهم الاقليميين ، و طابورهم الخامس الذي قد لايعي أحيانا أنه كذلك ، أن موريتانيا ليست سائغة ، بل إنها يمكن أن تسهم كما هو قدرها دائما في نشر الاسلام بالحسنى ، و إشاعة ثقافة السلم و التسامح و المحبة .
وبالتالي يكون من شأن الصلاة الجامعة في ذكرى المولد النبوي الشريف أن تجعل من موريتانيا بلدا استراتيجيا لا يمكن التقليل من مكانته و عمقه الحضاري و الثقافي .
و قطب الرحى أيضا ، في سياق إقامة الصلاة الجامعة في انواكشوط ، هو الرغبة الصادقة للأخ القائد في الإسهام في مؤازرة إخوانه الموريتانيين ، الذين يقاسمهم الانتماءات كلها الدينية و الاجتماعية و الثقافية و غيرها ، لتجاوز أزمتهم السياسية - التي حاول بعضهم ، ربما يأسا ، أن " يدولها " في باريس و غيرها من عواصم الغرب أو الشرق - و خلق حالة من الإجماع الوطني الموريتاني على مجموعة قيم و ثوابت وطنية و أخلاقية تضع حدا لحالة المراوحة و إعادة إنتاج الأزمة التي لم تفعل أكثر من تأجيل بناء موريتانيا جديدة تسع جميع ابنائها يسهمون كل من جانبه في تحمل المسؤولية التاريخية في الجهد التنموي الجاد ..
ما لا يعلمه البعض أن اختيار موريتانيا للصلاة الاسلامية الجامعة كان من بين عدة اختيارات أخرى لمواقع اسلامية قريبة منا أو بعيدة عنا تحمل رموزا إسلامية أو تعيش أوضاعا خاصة في هذا الوقت تقتضي ضرورة الاهتمام بها رسميا و شعبيا من كافة المهمومين بقضايا الاسلام و المسلمين في هذا الزمان .
غير أن الرغبة في الإسهام في حل الأزمة الموريتانية تغلبت على غيرها و جعلت الأخ القائد يزور موريتانيا للمرة الثالثة بعد أن زارها مرتين في السبعينيات و الثمانينيات ، و كان لكلا الزيارتين نتائج ملموسة أقلها دخول الجامعة العربية في الأولى بعد أزيد من عقد من النضال السياسي في سبيل ذلك ، و تحييد موريتانيا من تداعيات الحرب الأهلية ضمن ما يعرف ب " حرب الصحراء " في الثانية ، ناهيك عن الدعم المادي الكبير لقطاعات الاقتصاد الموريتاني في مجالات البنوك " كإنشاء مصارف و توفير غطاء نقدي للأوقية الموريتانية بعد رفض فرنسا و دول كثيرة أخرى لذلك ، و الصيد البحري و الفلاحة و التعليم ... و غير ذلك .

على سنة المرابطين
لأنه قارئ نهم للتاريخ الإنساني عامة و العربي الإسلامي خاصة ، فإن القائد القذافي كان واعيا لرسالة المرابطين ، وهم المهاد التاريخي لساكنة هذه البلاد التي تفاخر جيلا بعد آخر بهم و بدورهم في نشر الاسلام و الثقافة العربية الاسلامية في افريقيا و العالم ، ولهذا من الطبيعي أن يخصص نصيبا من خطبته بعد الصلاة الجامعة لذلك الدور ، و الإشادة به على رؤوس الأشهاد ، وأمام مسلمي العالم و غيرهم في إشارة لا تخفي على العقلاء إلى عظمة هذه البلاد و رجالها عبر التاريخ الذين نشروا الدين بالحسنى و الموعظة الحسنة و ليس بالعنف أو بالغزو !!
وفي هذا الاستنتاج يتفرد القائد عن زوار موريتانيا الرسميين من قادة و زعماء عرب و عجم لا تتجاوز معارف أحسنهم علما و ثقافة أن هذه البلاد هي بلاد المليون شاعر فحسب ، وهو ما ذكره الرئيس الفرنسي الأسبق شيراك في زيارته المعروفة لانواكشوط قبل سنوات .
كما أن مشاركة ممثلين عن الاقليات الاسلامية في أنحاء العالم ، ومن مختلف المذاهب و الفرق و الطوائف الاسلامية من سنة و شيعة و دروز و غيرهم ، و أشراف آل البيت النبوي الشريف ، كل هؤلاء لم يلتقوا منذ عقود ، و ربما قرون ، على صعيد واحد للصلاة خلف إمام واجد ، وفي بلاد المرابطين بلاد شنقيط ، ففي ذلك ما فيه من تقارب ووحدة باتت الحاجة إليها قائمة الآن و أكثر من أي وقت مضى .
إن القائد بذلك يقدم وفاء تاريخيا للدور الكبير الذي قام به المرابطون العظام و أحفادهم من علماء و فقهاء و أولياء و مجاهدون أفذاذ في سبيل خدمة الاسلام و المسلمين . فمن على أديم الأرض التي عمروها بعلمهم و فكرهم و ثقافتهم يدخل مهتدون جددا دائرة الدين الحنييف على الملأ ، كأن المرء في حضرة عبد الله بن ياسين الجزولي و تلامذته وهم ينشرون الدين وراء بحر الظلمات ، وفي أعماق المتاهات الافريقية !
كما تتم الدعوة الى تحرير عقول المسلمين من الاستلاب الفكري و الثقافي المتمثل في اعتمادهم ، بوعي أو بدونه ، التأريخَ بالأشهر الوثنية الشركية للأوروبيين كيناير و مارس و يوليوس و اغوسطوس ..الخ ، و تعاد فكرة " الدعوة الى تأسيس الدولة الفاطمية الجديدة " التي طرحت في مناسبات سابقة كحل لإسفين الفرقة الدينية المذهبية التي بدأت محاولات تجريبها بعد سقوط بغداد العريقة في 2003 ، وهي حرب ممولة أصلا و فرعا من دوائر صهيونية غربية لتمزيق المسلمين بين سنة وشيعة ، حيث تقوم فكرة الفاطمية الجديدة على اعتبار المسلمين ، كل المسلمين ، هم في الواقع سنة من حيث الاستنان بسنة الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وصحبه ، و كذلك هم شيعة للرسول و آله الطيبين الطاهرين، و هذا جزء من عقيدتهم الصحيحة ، كما أن الفاطمية الجديدة تنطوى على إنصاف آل البيت النبوي الشريف من الظلم التاريخي اللاحق بهم جراء الصراع على السلطة في التاريخ الاسلامي ، حيث عانوا منذ أعيد " فتح "! المدينة المنورة في عهد يزيد بن معاوية كما لو كانت مدينة وثنية وأستباحها الجند " المسلمون "! ثلاثة أيام ، حيث قُتل فيها الكثير من الصحابة، وكان بعضهم ممن شهد بدرًا و أحداً و غيرهما من المشاهد ، وانتهكت حرمات النساء المسلمات ، وحُوصرت الكعبة المشرفة ، وضُربت بالمنجنيق، وقُتل ضمن من قتل عبد الله بن الزبير وُصلب أمام العامة ، وحدثت كربلاء التي كادت تقضي على النسل النبوي الشريف ، لولا " علي الصغير" الذي احتضنته أخته زينب بنت الحسين وتشبثت به، بينما قائد الجيش الأموي يصيح قائلا : "دعوني أقتله فإنه بقية هذا النسل، فأحسم به هذا القرن، وأميت به هذا الداء، وأقطع به هذه المادة"، وعلي هذا هو علي زين العابدين الذي منه اتصل النسل النبوي بعد ذلك حتى اليوم .." يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم .. الآية " !
و من الأبعاد الاستراتيجية الهامة لزيارة القائد و صلاته في موريتانيا هو تزامنها مع إغلاق وكر التجسس الصهيوني في أرض المنارة و الرباط ، و سيكون من تكريم ذكرى المرابطين أن تطهر بلادهم من دنس الصهاينة الذين فرضت وجودهم في موريتانيا أجندة دولية و قصر نظر محلي من نظام بائد لم تشفع له في البقاء طويلا تلك العلاقات الآثمة كما تصور أول الأمر ، و تعاقب أربعة رؤساء على تلك العلاقات و لم تقطع أو تعلق قبل الجنرال ولد عبد العزيز الذي كان من الشجاعة و الانسجام مع تطلعات شعبه للحد الذي جعله يرفض استقبال ملف سفير العدو ، ليظل كالأجرب بين الأصحاء ، حتى حمل متاع السفارة الكريهة عير مأسوف عليه ، وتنفست البلاد و العباد الصعداء ، لأن استمرار وجود السفارة الصهيونية يعتبر أكبر تحدي للأمن القومي و للوحدة الوطنية ، وسيكون بابا مشرعا للسوء كله !


و للشأن الموريتاني ..كلمة
حرص الأخ القائد في زيارته أن يلتقي مع ساستها و قادتها من مختلف الأطراف سواء من المجلس العسكري أو من " الجبهة " ، وكذلك التقي الفاعليات الشعبية الاجتماعية و ممثلي المجتمع المدني الموريتاني ، و قدم نصائح عامة من واقع رؤيته التحليلية للمشكل السياسي و الصراع على السلطة الذي هو أساس البلاء في الاجتماع الانساني ليس في موريتانيا فحسب ، بل في جميع أنحاء العالم ، ورؤية الأخ القائد ، التي يقتنع بها ، مبثوثة في الكتاب الأخضر الذي قدمه للعالم بعد تأمل كبير في الأحوال السياسية للبشرية و اسباب الصراع فيها و تداعياته ، وقدمه في وقت كانت فيه الحرب الباردة على اشدها في السبعينيات من القرن الماضي تنبأ فيه بما جرى للمعسكر الشرقي أولا و بما يجري حاليا للمعسكر الغربي ، وحين نشر ذلك كان الجميع بين مكذب ومصدق و هازل .. وقد صدقت النبوءة رغم كل شيئ !
وجماع فكر القائد أن الديمقراطية هي سلطة الشعب أو شورى الناس كافة بصيغة تتجاوز ما يسمى لدينا " تجاوزا" أحزابا ناهزت السبعين حزبا كمظهر للتعددية السياسية و الفكرية " الوهمية" في المجتمع ، بينما في أكبر الدول " أمريكا مثلا " لا تزيد على الحزبين فقط ! ، أو " انتخابات " شكلية أو فعلية ، أو " برلمانا " لا يفوز فيه إلا القادرون ماليا ليدافع عن مصالحهم الاحتكارية الربوية الفئوية ، لأن كل تلك " الصور" لم و لن تحل أزمة الصراع على السلطة ، بل تعيد إنتاجه ربما بفداحة أكبر ، ومع ذلك فإنه ، اي القائد ، لا يلزم الشعب الموريتاني بغير ما يريد ، الا أن موقفه من الوضع السياسي مركز بالأساس على المصالح الحقيقية للشعب الموريتاني ، و هذه المصالح ليست قطعا في التشرذم الحاصل في الساحة السياسية ، و ليست في تدويل الحالة الموريتانية تحت دعوى هزيمة الانقلاب و تكريس الديمقراطية ، و لا في المطالبة بتدخل عسكري أجنبي في موريتانيا ، ولا في فرض حصار اقتصادي أو عقوبات انتقائية أو شاملة لن تؤثر في النهاية الا على الذين لا يستطيعون حيلة أو يهتدون سبيلا من الشعب الموريتاني ، فمن هذا الإحساس الصادق أراد القائد أن يساعد في إيجاد مخرج من الأزمة يتركز في رفض التدخل الدولي أو الإقليمي تحت أي عنوان ، و الاحتكام إلى الشعب في كل الأحوال بعرض سيناريوهات البرامج و التصورات التي يبغي الفعلة السياسيون الموريتانيون أن تبني عليها أحوال موريتانيا الجديدة ، موريتانيا المفترضة ، بعد هذا العناء الشديد في الإجابة على سؤال : أن تكون أو لا تكون ؟؟
ربما يخشى بعض الفعلة السياسيين من كساد بضاعتهم الدعائية ، ولهذا يخشون من الاحتكام الى الشعب الموريتاني في جولة جديدة ، حتى لا تتضاءل أحجامهم السياسية أكثر من ذي قبل ، و هذا ، ربما ، سبب الرفض الدائم للمشاركة في الانتخابات القادمة !!
وهنا لن يكون من الاحترام لضيف زائر في قيمة و قامة القائد القذافي ما أظهره قادة ما يسمى " جبهة الدفاع عن الديمقراطية " في قصر المؤتمرات أثناء إلقاء القائد لكلمته التوجيهية العامة ، خصوصا أن أغلب هؤلاء،و غيرهم من الشخصيات السياسية و الفكرية و الدينية و الاجتماعية، يعرفون الضيف الزائر حق المعرفة و يعلمون حجم الاحترام و التقدير الذي يكنه لهم باعتبارهم ممثلي الشعب الموريتاني و قواه الحية ، و قد التقاهم أو بعضهم عشرات المرات طيلة سنوات مديدة عاملهم فيها بأريحية هي طبعه و طباعه المستمدة من ثقافة العروبة و الاسلام التي يتمثلها ، وأحسهم ، وهم ضيوف لديه ، أنهم في موريتانيا حين يكونون في زيارة إلى ليبيا . و الطامة الكبرى أن يعتذر هؤلاء
، فقط ، الى رئيس دولة أجنبية ينكرهم و يجهلهم و لا ترتبط بلاده مع موريتانيا إلا بماض استعماري
يعد أكبر عدوان سافر على كرامة هذا الشعب الأبي ، و لعله لا يشرف إلا مستخدمي الطابور الخامس الذين هم في مقابل الوطنيين الخلص دائما و أبدا !!


 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : yahya