7 ديسمبر 2008

أتصور أن موريتانيا تملك إمكانيات ذاتية لمقاومة الحصار


الدكتور الباحث الاقتصادي أحمدا ولد نافع للبديل:
أتصور أن موريتانيا تملك إمكانيات ذاتية لمواجهة الحصار الاقتصادي
الدكتور أحمدا ولد نافع الباحث و الأكاديمي والكاتب، هو أحد الوجوه الثقافية الشابة الموريتانية، والذي لمع نجمه في الجامعات الليبية، وفي عدة ندوات علمية وثقافية داخل وخارج موريتانيا والحاصل على الدكتوراه في الدراسات الاقتصادية بتقدير ممتاز من أكاديمية الدراسات العليا الليبية و التي كرمته باعتباره الحائز على المرتبة الأولى على دفعته، وعمل مدة خمسة سنوات خلال الفترة 2003-2008 أستاذا في كلية الاقتصاد و التجارة بجامعة المرقب في مدينة الخمس الليبية و جامعة افريقيا الأهلية في مدينة طرابلس . نشِر له العديد من البحوث و الدراسات العلمية في صحف و مجلات علمية محكّمة ، وشارك ممثلا لبلاده في العديد من المؤتمرات في إفريقيا و الوطن العربي.
بتواجده على أرض الوطن بعد عودته هذه الأيام كان لنا في يومية البديل الثالث معه الحوار التالي:
حوار:الحسن ولد الشريقي


البديل الثالث : يتوجس البعض هذه الأيام خيفة من تدويل أزمتنا الراهنة ما مدى تأثير التدويل على الاقتصاد الوطني ؟

أحمد ولد نافع :

في البداية أشكر جريدتكم الملتزمة لإتاحتها هذه السانحة في التفاعل مع متصفحيها وقرائها الأعزّاء، و جوابا على سؤالكم فبلا شك فإن ما يسمى " التدويل للأزمة الموريتانية " يحمل في ثناياه تداعيات متشابكة على الاقتصاد الوطني، الذي يعتمد بشكل كبير على المعونات الخارجية و الهبات و التبرعات، و بالتالي فيجب العمل على الحؤول دون الإضرار بهذا الاقتصاد ، لما في ذلك من تأثير على الوطن و المواطنين ..

البديل الثالث :هل هناك إمكانية لمقاومة مثل هذا الحصار إذا ما أقدمت دول الشراكة في التنمية على تطبيقه؟

أحمد ولد نافع:

عند اللحظة التي يفرض فيها الحصار الاقتصادي على أي بلد من البلدان ستبدأ المقاومة لفكه والالتفاف عليه وتقليل خسائره إلى أضيق حد ممكن ، هذا ما حدث في جميع البلدان التي عانت بشكل أو بآخر من الحصار الاقتصادي الذي بدأ استخدامه كسلاح اقتصادي وسياسي منذ عقود ما بعد استقلال الدول النامية في النصف الثاني من القرن العشرين ..
ولا أتصور أن موريتانيا ستشذ عن القاعدة، و تملك إمكانيات ذاتية لمواجهة الحصار الاقتصادي، من خلال تعبئة مواردها المحلية التي يمكنها أن توفر من خلالها الإمكانيات المالية اللازمة لاستمرار المشاريع الاستثمارية التنموية المختلفة التي كانت ممولة من ما يسمى "شركاء التنمية ! ".

البديل الثالث :البعض يرى في تبريرات رئيس المجلس الأعلى للدولة بقدرة البلد الاقتصادية على النهضة إذا ما تم استغلال الثروات نوعا من التفاؤل وشحذ الهمم لمواجهة الحصار؟ ما مدى صحة مثل هذا الرأي؟

أحمد ولد نافع :

فعلا، هذه حقيقة يدركها الكثيرون في موريتانيا، أنه في حالة ما إذا تم استغلال الثروات المتوافرة بشكل رشيد و عقلاني، فإن عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية لن تتأثر بالحصار أو بغيره، و لاخوف على موريتانيا أبدا ما دامت مواردها المادية و المعنوية معبأة بصورة صحيحة و مناسبة .

البديل الثالث :من المعروف أن الديمقراطية عامل مهم لجلب المستثمر ورديف للتنمية، هل ترى أن الاقتصاد الوطني حقق بعض النتائج الايجابية في ظل النظام السابق ؟

أحمد ولد نافع :

لاشك أن أجواء الأمان و الاستقرار التي توفرها الديمقراطية السليمة هي القادرة على جلب الاستثمارات التي قد تسهم في تحسين الأوضاع التنموية في البلاد ..
وبخصوص الوضع الاقتصادي في النظام السابق، فأعتقد أنه لم يحقق الكثير مما كان يجب عليه إنجازه، وقد يجد العذر في أن الوقت لم يسعفه، وباستثناء تهيئة ظروف الاستثمار الأجنبي و تشجيعه و نجاح المشاورات في جولة الداعمين التنمويين في باريس، فإن الأوضاع الاقتصادية للمواطنين تدهورت بشكل مرعب ، هل ننسى مظاهرات الجياع التي عمت أرجاء الوطن وشهدت عشرات الجرحى و قتيلا واحدا، وكانت مؤشرا على الأداء الاقتصادي للنظام السابق ، كما أن ما عرف بالخطط الإستعجالية لمواجهة الغلاء لم تنفذ بفاعلية و عقلانية و ذهبت تمويلاتها إلى ما ذهبت إليه تمويلات سابقة ، ولم يجني المواطن غير الحسرة و الندم .

البديل الثالث : يرى البعض أن النظام الجديد منذ اعتلائه السلطة بدأ بمحاولة شغل الناس بتخطيط أحياء الانتظار في أنوا كشوط ، كيف تقيمون هذه الخطوة من الناحية الواقعية ؟
أحمد ولد نافع:

خطوة جميلة تأخرت كثيرا منذ عقود ، وهي تحسب للنظام الجديد في أنوا كشوط، حيث من المعيب جدا أن تظل العاصمة مسورة بأحياء لا تصلح حتى للحيوانات ، أكرم الله القراء ، أحرى أن تكون مأوى لأجيال من الموريتانيين وجدوا أنفسهم لاجئين في وطنهم ظلما و عدوانا .
و بالتالي ، فقد أحسن النظام صنعا أن رد الحقوق الضائعة لأصحابها بعد أن حرموا منها زمنا طويلا، كما أنه يساهم في تجميل المنظر الحضاري للعاصمة الموريتانية ، التي لا تزال تشوهها العشوائيات و البناء الفوضوي و الطرقات الضيقة و غير المرصوفة .. و طريق الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى ...

البديل الثالث : ـ ما مدى تأثير الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني؟

أحمد ولد نافع :

الأزمة المالية العالمية ألقت بكلٌكلها على جميع الاقتصادات الدولية سواء في الدول المتقدمة أو في الدول النامية ومنها موريتانيا .. التي يعتمد اقتصادها على الإعانات المالية في مصادر تمويله بنسبة كبيرة، و ميزانه التجاري (واردات و صادرات) معتمد على الدول التي ضربتها، بدرجات متفاوتة ، الأزمة المالية العالمية .
و هنا نذكر أن الجهات المانحة للمعونة الدولية قد طالبت الدول المتقدمة بزيادة مخصصات سيولتها للدول النامية حتى لا تتضرر برامج و استراتيجيات التنمية .


البديل الثالث :ـ في ظل تزايد الحديث عن زيادة مؤشرات حقول النفط الإنتاجية في الأسابيع الماضية بنسبة 70% هل ترون أن للنفط إذا ما تم استغلاله بشكل أمثل المساهمة في التخفيف من حدة الأزمة المالية التي يمر بها العالم؟

أحمد ولد نافع :

أحيلكم إلى ما سبق لي قوله للجزيرة " نت" في إحدى مقالاتي التحليلية حول النفط و مأزق التنمية في موريتانيا، حيث أكدت أن النفط إذا زادت وتيرته الإنتاجية في موريتانيا فإنه قد يعيد تشكيل الاقتصاد الموريتاني من اقتصاد يتسم بالعجز إلى اقتصاد الوفرة المالية، و بالتالي قد يشل رافعة تستند إليها التنمية في موريتانيا، ولكنه أيضا قد يتحول من نعمة إلى نقمة ، كما حصل في كثير من البلدان ، إذا تم استغلاله بشكل تبديدي و تفاخري .

البديل الثالث :هل بالإمكان التحكم في أسعار المواد الغذائية بصورة دائمة، ودون أن يؤدي ذلك إلي إفلاس الخزينة العامة لا قدر الله؟

أحمد ولد نافع :

نعم يمكن التحكم بأسعار المواد الغذائية بصورة دائمة إذا ما تم تفعيل آليات ووسائل الرقابة المناسبة ، ولا علاقة لذلك بإفلاس الخزينة العامة ، إنه محاولة لتحييد تأثير ارتفاع الأسعار على النسبة العريضة من الشعب الذي يشكو في غالبيته من الإملاق و الفقر البائس ، و تتبع الدول مثل هذه الإجراءات الاجتماعية من أجل تحسين الأوضاع المعيشية للغالبية العظمي التي أفقرتها الليبرالية المتوحشة و سياسات السوق الحر المكارثية ، وهناك دول رأسمالية عديدة تتدخل بهذه الآلية من أجل ضمان آلية حقيقية للسلم الأهلي ، الذي هو مقدمة ضرورية و لازمة للتنمية الحقيقية .

البديل الثالث :كيف تنظرون لمستوى التنمية الاقتصادية في البلد الآن؟

أحمد ولد نافع :

مستوي التنمية لا يزال دون المستوى المطلوب ، ومن المعيب أنه بعد قرابة خمسة عقود من محاولات التنمية لا تزال بلادنا تعاني من الجهل و الفقر و التخلف في بناها الاقتصادية والاجتماعية، وقد خطت دول مختلفة مجاورة خطوات جدية على درب التنمية الحقيقية، و ليست لديها وسائل استثنائية أو أسطورية لإنجاز ما أنجزته ، بينما في موريتانيا توجد موارد و مدخلات عديدة للتنمية ( كالثروة الحيوانية و المناجم المعدنية و الشواطئ السمكية ..الخ)، ودعم مالي دولي ناهز الأربعة مليارات دولار على الأقل خلال العقود السابقة ذهبت كلها أدراج الرياح ولم تستفد منها التنمية الحقيقية شيئا مذكورا ، و لا يزال الطريق شائكا و طويلا أمام الموريتانيين من أجل التنمية التي تزداد أعباء إنجازها ساعة بعد ساعة ..

البديل الثالث :ما هو تصوركم للسيناريوهات المستقبلية للخروج من الأزمة؟

أحمد ولد نافع :

للخروج من الوضع الراهن في موريتانيا ، فلا بد من أن يتنادى كل الموريتانيين إلى التحاور و التشاور حول راهن موريتانيا و مستقبل أيامها ، و لا مشكلة في تباين مداخل الحل بل بالعكس فإن ذلك مصدرا للإثراء و التنويع المفضي إلى خلق حالة من الوعي الوطنى الشامل بحقائق الأمور المختلفة ، هذا هو السيناريو الداخلي للوضع الموريتاني ، و بديله هو السيناريو الخارجي الذي يجب الابتعاد بالوضع الموريتاني عنه، وخصوصا أن تجارب الدول التي جربت التدخل الخارجي لا تسر صديقا أو عدوا، و كان الأحرى بالسياسيين الموريتانيين أن يكونوا علي وعي بذلك وهم يجوبون عواصم العالم لتدويل الأزمة الموريتانية والمطالبة بعقوبات وحصارات لن تضر إلا الشعب الموريتاني وفئاته التي لا حيلة لها.

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : yahya